لشتّان ما بين اليزيدين في النّدى
… يزيد سليم والأغرّ بن حاتم (1)
قال أبو سعيد: والقياس لا يأباه، من قبل أن " شتان " إذا كان معناه: شتّ، وهو بعد، فغير ممتنع أن تقول: بعد ما بين زيد وعمرو، وتفرق ما بينهما والذي أوجب بناء " شتان " أنه وقع موقع الفعل الماضي، والفعل الماضي مبني، فبني وكانت الفتحة أولى به كما تكون في الفعل الماضي. ويجوز أن تكون النون فتحت إتباعا للتاء التي قبلها، كما ذكرناه في: " الآن ".
وزعم الزجاج أن الذي أوجب له البناء أنه مصدر جاء على " فعلان " فخالف أخواته، فبني لذلك.
قال أبو سعيد: وقد وجدنا فعلان في المصادر، قالوا: لوى يلوى ليّانا، قال الشاعر:
تطيلين ليّاني وأنت مليّة
… وأحسن يا ذات الوشاح التقاضيا (2)
ولقائل أن يقول: إن " ليّانا " مصدر فعل مستعمل له وهو قولك: لوى يلوى ليانا، وليس كذلك: شتان، لأنك لا تقول: شتانا يشت شانا، فهو مع خروجه عن أمثلة المصادر غير منطوق بالفعل المأخوذ منه.
وفي ليّان كلام يأتي بعد هذا في موضعه وذكر أهل العلم باللغة أن " شت " الذي " شتان " في معناه، إنما هو فعل كان أصله: " شتت " فنزعوا الضمة وأدغموا.
ومثل قولهم: " شتان " قولهم: " سرعان ذي إهاله " يريدون: سرع هذه إهالة فجرى " سرعان " مجرى " سرع " ففعل به ما فعل بشتان حين كان في معنى؛ شتت.
و" سرعان ذي إهالة " مثل، وذلك أن بعض حمقى العرب يقال إنه اشترى شاة وسال رغامها، فتوهمه شحما مذابا، فقال لبعض أهله: خذ من شاتنا إهالتها، فنظر إلى مخاطها فقال: " سرعان ذي إهالة ". والإهالة: الشحم المذاب.
وزعم أبو حاتم السجستاني، وقد ذكر " شتان "، وزعم أنه بمنزلة: " سبحان " وهذا وهم؛ لأن: " سبحان " عند النحويين منصوب معرب إلا أنه لا ينصرف؛ لأنه معرفة ولأن في آخره نونا وألفا زائدتين. وانتصب لأنه مصدر، ولم ينون لأنه لا ينصرف. قال