أحد منهم مررت به إلا زيد وإلا زيدا " لأن المرور في المعنى مجحود ومعناه: ما مررت بأحد منهم إلا زيد ".
وتقول: " ما رأيت أحدا يقول ذاك إلا زيدا " على البدل من " أحد " وهو أجود.
ويجوز الرفع على البدل من الضمير الذي في " يقول ".
و" رأيت " بمعنى: علمت. وإنما دخل على مبتدإ وخبر وما كان من أفعال الظن والعلم الذي يقع على مفعولين، فالمعتمد بالنفي والإثبات هو المفعول الثاني. فصار كأنه قال ما يقول ذاك أحد فيما رأيت إلا زيد " وأحد " بمنزلة الضمير الذي في " يقول " حين قلت " ما رأيت أحدا يقول ذاك إلا زيد " وقوله:
في ليلة لا نرى بها أحدا
… يحكي علينا إلا كواكبها (1)
الشاهد فيه: أنه أبدل " كواكبها " من الضمير في " يحكي " لأن أحدا كأنه مبتدأ وإن وقعت عليه الرؤية وهي رؤية القلب، وكأنه قال: لا يحكي علينا أحد إلا كواكبها.
وقد عرفتك أن ما وقع على ضمير الاسم المبتدإ المجحود وخبره. بمنزلة المجحود.
وما وقع على المبتدإ والخبر من أفعال الظن والعلم لا يخرجه عن ذلك الحكم.
والاختيار أن يكون البدل من الاسم الأول الذي وقع عليه حرف النفي؛ لأن البدل منه محمول على اللفظ. والآخر محمول على المعنى. والحمل على اللفظ هو الظاهر من الكلام.
ومن ذلك: ما أظن أحدا فيها إلا زيدا، هو الأجود؛ لأنه بدل من اللفظ. ويجوز:
إلا زيد بالرفع بدل من الضمير في " فيها "؛ لأن معناه: استقر ". وفي " استقر " ضمير فاعل.
والبدل منه هو المقصود بالنفي. وهو ضمير " أحد " الذي وقع عليه الظن. وأحد في معنى مبتدإ؛ لأن الظن قد يلغى.
ومما قوى سيبويه به البدل من الاسمين في أفعال الظن والعلم في النفي أنك تقول ما رأيته يقول ذاك إلا زيد، وما أظنه يقوله إلا عمرو.
وذلك أن الهاء ضمير الأمر والشأن. ورأيت بمعنى علمت، والاعتماد على ما بعد رأيته وأظنه فكأنه قال: ما يقول ذاك زيد. فهذا يدل على جواز البدل من الضمير الذي في " يقول " من قوله: " ما ظننت أحدا يقول ذاك إلا زيد ".
وأما ما لا يبدل إلا من اسم واحد وقع عليه لفظ النفي فقولك: ما ضربت أحدا