ويجوز أن تقول: لا أحد فيها إلا زيدا؛ لأن الكلام قبل " إلا " تام لو اقتصر عليه.
وقوله: ما علمت أن فيها إلا زيدا: إنما جاز ذلك لأنك تقول: ما علمت أن فيها زيدا. بمعنى واحد. فمن حيث جاز: ما علمت فيها إلا زيدا " جاز ما علمت أن فيها إلا زيدا. لأن " أن " للتوكيد والناصب لزيد في " ما علمت فيها إلا زيدا "
علمت. و " في ما علمت أن فيها إلا زيدا " أن.
ولو قلت: ما علمت أن إلا زيدا فيها، لم يجز. وذلك أن الاستثناء لا يجوز أن يكون في أول الكلام، لا تقول: إلا زيدا قام القوم.
وكذلك لا يجوز الاستثناء بعد حرف يدخل على جملة ولا يلي الحرف " إلا ".
وقد فرع النحويون على ذلك مسائل، فقالوا:
كيف إلا زيدا إخوتك. جيد.
وأين إلا زيدا إخوتك. جيد.
ومن إلا زيدا إخوتك. جيد.
ولو قلت: " هل إلا زيدا عندك أحد. و " ما إلا زيدا عندك أحد: كان خطأ.
والفرق بينهما: أن " أين " و " كيف " و " من " أخبار ينعقد الكلام بها. و " هل " و " ما " لا ينعقد بهما شيء، وإسقاطهما لا يبطل الكلام.
ولو قلت: هل عندك إلا زيدا أحد. وما عندك إلا زيدا أحد. جاز لأن " عندك " خبر. " فإن " بمنزلة " هل " و " ما " لا يجوز أن يليها حرف الاستثناء.
وقوله: إن أحدا لا يقول ذاك إلا زيدا " هو كلام قبيح. كان القياس فيه أن لا يجوز لأن " إنّ " للإيجاب و " أحد " لغير الإيجاب. ولكنهم أجازوه للنفي الذي بعده لما كان معنى الكلام يؤول إلى المنفي.
ومثله: " قد عرفت زيد أبو من هو " أبطل عمل " عرفت " في " زيد " وليس قبله حرف استفهام للاستفهام الذي بعده.
وكذلك وقع " أحد " في موضع إيجاب للجحد الذي أتى بعده في قولك: إن أحد لا يقول ذاك، فيصير كأنك قلت: ما أحد يقول ذاك.
فإذا نصبت " زيدا " بعد " إلا " فنصبه محمول على " إن " لأنها لما عملت في " أحد " صارت كأنها حرف جحد بعده فعل مجحود، نحو: ما رأيت أحدا يقول ذاك إلا زيدا.
ويجوز رفعه حملا على الضمير الذي في " يقول ذاك " كما جاز الرفع في قولك: ما رأيت أحدا يقول ذاك إلا زيدا وإلا زيد ".