تعلماها لعمر الله ذا قسما
… فاقدر بذرعك وانظر أين تنسلك (1)
وإنما هو: (تعلما هذا لعمر الله قسما)، ويحتج أيضا بقوله:
... … فقلت لهم هذا لها ها وذا ليا
والتقدير: (هذا لها، وهذا لي)، فصيّر الواو بين (ها) و (ذا).
ويحتج أيضا بقولهم: (لا ها الله ذا)، واسم الله عز وجل ظاهر لا يدخل عليه (ها) للتنبيه، كما لا تدخل على (زيد) ونحوه، وإنما معناه: (لا والله هذا).
وأما من يقدّر أن (ها) داخلة على (أنت) غير منوي دخولها على (ذا) فإنه يحتج بقوله عز وجل: ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ آل عمران: 66. فأتي ب (ها) فأدخلها على (أنتم)، ثم أعادها في (أولاء)؛ فلو كانت الأولى منويّا بها التأخير لكانت (ها) الأولى والثانية جميعا ل (أولاء)، وهذا بعيد، وهذه حجة سيبويه، ومعنى قوله: وقد تكون (ها) في (ها أنت ذا) غير مقدمة، أي في موضعها ل (أنت)، غير مقدمة من (ذا) إلى (أنت).
وقال أبو سعيد: وإنما يقول القائل: (ها أنا ذا)، إذا طلب رجل لم يدر أحاضر هو أم غائب؟ فقال المطلوب: (ها أنا ذا) أي الحاضر عندك أنا، وإنما يقع جوابا، ويقول القائل: (أين من يقوم بالأمر؟) فيقول له الآخر: (ها أنا ذا)، أو (ها أنت ذا)، أي أنا في ذاك الموضع الذي التمست فيه من التمست، أو أنت في ذلك الموضع، وأكثر ما يأتي في كلام العرب (هذا) بتقديم (ها) والفصل بينها وبين ذا، بالضمير المنفصل.
والذي حكاه أبو الخطاب عن العرب الموثوق بهم من قولهم: (هذا أنا) و (أنا هذا) هو في معنى: (ها أنا ذا)، ولو ابتدأ
إنسان على غير هذا الوجه الذي ذكرناه فقال: (ها أنت، وها أنا)، يريد أن يعرّفه نفسه كان محالا؛ لأنه إذا أشار له إلى نفسه فالإخبار عنه ب (أنت) لا فائدة فيه؛ لأنك إنما تعلمه أنه ليس غيره، ولو قلت: (ما يزيد غير زيد)، و (ليس زيد غير زيد) كان لغوا لا فائدة فيه، ولو قلت. هذا أنت والإشارة إلى غير المخاطب لجاز، ومعناه: هذا مثلك، كما تقول: زيد عمرو على معنى: زيد مثل عمرو.
والذي حكاه يونس عن العرب: هذا أنت تقول كذا كذا، هو مثل قوله عز وجل:
ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ البقرة: 85؛ لأن قولهم: هذا أنت كقولك: أنت هذا، أحدهما مبتدأ والآخر خبره، أيهما شئت جعلته المبتدأ، وجعلت الآخر الخبر.