بي، وعليك إيّاي، وعليك إيّاه. وإنما جاز إيّاي لأنه بالإضافة إلى الكاف قد أشبه المصدر المضاف الذي قد جاز فيه الفصل والوصل نحو: ضربك إيّاي، وضربكني، وباقي الباب مستغنى عن تفسيره.
هذا باب ما يجوز في الشّعر من إيّا ولا يجوز في الكلام(فمن ذلك قول حميد الأرقط:
إليك حتّى بلغت إيّاكا (1)
وقال الآخر (بعض اللصوص):
كأنّا يوم قرّى إنّما نقتل إيّانا) (2)
قال أبو سعيد: قوله: بلغت إيّاك ضرورة على ما قاله سيبويه، وكان الزّجّاج يقول:
" أراد بلغتك إياك "، وهذا لا يخرجه من الضّرورة، لأنّه إن أراد الكاف وحذفها فهو ضرورة، ولو أخرجه تقدير هذا عن الضرورة لجاز: ضربت إيّاك على هذا التقدير، وليس هذا بشيء.
وقد يضطرّ الشاعر، فيضع الضّمير المتصل في موضع المنفصل. أنشد أحمد بن يحيى ثعلب:
وما نبالي إذا ما كنت جارتنا
… ألا يجاورنا إلاك ديّار (3)
وأما قوله: " نقتل إيّانا " فهو أقلّ ضرورة؛ وذلك أنه لا يمكنه أن يأتي بالضمير المتصل فيقول: نقتلنا؛ لأنه لا
يتعدى فعله إلى ضميره، وكان حقّه أن يقول: نقتل أنفسنا؛ فجاء بالمنفصل فجعله مكان أنفسنا؛ لأنهما يشتركان في الانفصال، ويقعان بمعنى في نحو قولك: ما أكرمت إلا نفسك، وما أكرمت إلا إيّاك.
وكان أبو إسحاق الزجاج يقول: " إنّما نقتل إيّانا محمول على ما نقتل إلا إيّانا؛ لأن في إنّما معنى تقليل ونفي "، ولا يخرجه ذلك عن الضرورة؛ لأنّك لو قلت: إنما نخدمك لتحسن إلينا لم يجز: إنّما نخدم إيّاك، إلا في الضرورة، فاعرفه إن شاء الله تعالى.