ولي نفس أقول لها إذا ما
… تنازعني لعلّى أو عساني (1)
فلو كانت الكاف مجرورة لقال: عساي، ولكنهم جعلوها بمنزلة لعل في هذا الموضع.
فهذان الحرفان لهما في الإضمار هذه الحال، كما كانت للدن حال مع غدوة ليست مع غيرها، وكما أنّ لات إذا لم تعملها في الأحيان لم تعملها فيما سواها، فهي معها بمنزلة ليس، فإذا جاوزتها فليس لها عمل.
ولا يستقيم أن تقول: وافق الرفع الجرّ في لولاي، كما وافقه النصب إذا قلت:
معك، وضربك؛ لأنك إذا أضفته إلى نفسك فالجرّ مفارق للنصب في غير هذه الأسماء.
تقول: معي، وضربني، ولا تقول: وافق الرفع النصب في: عساني كما وافق النصب الجرّ في ضربك، معك؛ لأنهما إذا أضفت إلى نفسك اختلفا.
وزعم ناس أنّ موضع الياء في لولاي وفي عساني في موضع رفع؛ جعلوا لولاي موافقة للجرّ، وني موافقة للنصب، كما اتّفق النصب والجرّ في الهاء والكاف. وهذا وجه رديء لما ذكرت لك؛ ولأنك لا ينبغي أن تكسر الباب وهو مطّرد، وأنت نجد له نظائر. وقد يوجّه الشيء على الشيء البعيد إذا لم يوجد غيره. وربما وقع ذلك في كلامهم، وقد بيّن بعض ذلك، وستراه فيما يستقبل إن شاء الله تعالى ".
قال أبو سعيد: قد تقدّم فيما سلف من الكتاب أنّ الاسم الظاهر بعد لولا مرفوع بالابتداء على مذهب سيبويه وغيره من البصريين؛ فينبغي إذا كنّي عنه أن يكون مضمرا منفصلا، فيقال فيه: لولا أنت، ولولا أنتما، ولولا أنتم، ولولا أنا، ولولا نحن، ولولا هو، ولولا هما، ولولا هم، ولولا هن، ونحو ذلك؛ لأن سبيل المضمر سبيل الظاهر في موضعه من الإعراب، وهذا هو الشائع الكثير في كلام العرب. قال الله عز وجل: لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ سبأ: 31، وقال عامر بن سيّار بن الأكوع وهو يحدو برسول الله:
لا همّ لولا أنت ما اهتدينا
… ولا تصدّقنا ولا صلّينا
فألقين سكينة علينا
… وثبّت الأقدام إن لاقينا (2)
وقال الكسائي: يرتفع الاسم بعد لولا بشيء مضمر معناه: لو لم يكن، وفرّع على