لولا في عملها الخفض في المكني وإن كانت لا تعمل في الظاهر الخفض بمنزلة عمل عسى في المكني النصب، وإن كانت لا تعمل في الظاهر إلا الرفع؛ فعملها النصب في المكني قوله:
... علّك أو عساكا
الكاف في عساك مثلها في علّك، وأنت لا تقول في المظهر: عسى زيدا كما تقول:
لعل زيدا، واستدل على أن الكاف في عساك في موضع نصب بقول عمران:
... لعلّى أو عساني
ولا تدخل النون والياء بعد الألف إلا على منصوب، وقول سيبويه: فهذان الحرفان لهما في الإضمار هذه الحال يعني: لولاك وعساك لهما اختصاص؛ فالضمير يخالف الظاهر.
وقوله: كما أنّ لدن حالا مع غدوة ليست مع غيرها، وكما أن لات إذا لم تعملها في الأحيان لم تعملها فيما سواها؛ فهي معها بمنزلة ليس، فإذا جاوزتها فليس لها عمل.
يعني أن هذين الحرفين: لولاك وعساك، في اختصاصهما مع المضمر بهذين الضّربين من تقدير الخفض والنصب دون المظهر، بمنزلة لدن في حالها مع غدوة وعملها فيها النصب دون أن تعمل النصب مع غيره غدوة، وبمنزلة عمل لات في الأحيان النصب والرفع دون أن تعمل ذلك في غير الأحيان.
وردّ سيبويه على من زعم أنّ موضع الياء والكاف في لولاي ولولاك رفع، وأنّ الرفع وافق الجر في لولاي كما وافقه النصب إذا قلت: معك، وضربك؛ لأنك إذا أضفت إلى نفسك فالجرّ مفارق للنصب في غير هذه الأسماء. تقول: معي، وضربني. أراد سيبويه بهذا الاحتجاج أنه لو كان الرفع محمولا على الجر في لولاك لفصل بين اللّفظين في المتكلم فقيل: لولاني، كما فعل في النصب حين وافقه الجرّ في معك، وضربك، ثم خالفه في معي، وضربني.
وأما الحجة في جعل الياء والكاف في لولاي، لولاك في موضع رفع؛ فلأن الظاهر الذي وقعت الياء والواو موقعه رفع.
واحتج الأخفش في ذلك بأنّ علامة الجرّ دخلت على الرفع في لولاي، كما دخلت علامة الرفع على الجر في قولهم: ما أنا كأنت؛ فأنت من علامات المرفوع، وهو هاهنا في موضع مجرور، وكذلك الياء والكاف من علامات المجرور، وهما في لولاي، ولولاك من علامات المرفوع.
وأما الفرّاء فإنه احتج في ذلك بأنّا لم نجد حرفا ظاهرا خفض، فلو كانت لولا مما