خيرا منه، وإذا أردت الفصل قلت: ظننتك أنت خيرا من زيد، وظننته هو خيرا منه، ومما يفصل بين الفصل وبين الصّفة والبدل أنّ الفصل تدخل عليه اللام ولا تدخل على الصّفة والبدل، تقول في الفصل: إن كان زيد لهو الظريف، وإن كنّا لنحن الصّالحين، ونصب الظريف والصالحين حكاه سيبويه عن بعض العرب وعن النحويين أجمعين، ولا يجوز أن تقول إن كنّا لنحن الصّالحين في الصفة والبدل؛ لأنّ اللام تفصل بين الصفة والموصوف والبدل والمبدل منه.
وأمّا مفارقته لما كان مبتدأ وخبرا أنّ الفصل لا يغيّر الإعراب عمّا كان قبل دخوله، والمبتدأ يغيره. تقول إذا أردت الفصل: كان زيد هو خيرا منك، وليس للفصل موضع من الإعراب: رفع ولا نصب ولا جرّ. ونظيره من الأسماء التي لا موضع لها كاف ذلك وذانك وأولئك ورويدك ونحو ذلك، والذي يجعل موضعه معربا فلا بدّ من أن يكون رفعا أو نصبا بالصّفة لما قبلها أو بالبدل منه، وقد بيّنا فساد ذلك.
وقول سيبويه: " واعلم أنهنّ لا يكنّ فصلا إلا في الفعل " ومن مذهبه أنهنّ يكنّ فصلا في إنّ وفي الابتداء، إنّما ابتدأ بالفعل وخصّه لأنّه لا يتبيّن الفصل إلا فيه، وإنّ والابتداء لا يتبيّن الفصل فيهما في اللفظ؛ لأنّك إذا قلت: زيد هو خير منك، وإنّ زيدا هو خير مّنك؛ فخير منك مرفوع على كل حال إن جعلت هو فصلا أو جعلته مبتدأ.
وإنما يتبيّن في كان وأخواتها، وظننت وأخواتها، الفصل من الابتداء؛ لأنّ أخبارها منصوبة.
تقول: كان زيد هو أخوك إذا جعلت هو ابتداء وأخوك خبره، والجملة خبر زيد.
وكذلك: ظننت زيدا هو أخوك، وإذا كان فصلا قلت: كان زيد هو أخاك، وظننت زيدا هو أخاك.
وقوله: وإذا صارت هذه الحروف فصلا، يريد أنا وأخواتها نحو: أنا وأنت، وتثنية ذلك وجمعه. كقولك: ظننتني أنا خيرا منك، وعلمتك أنت خيرا مني، وعلمتكما أنتما خيرا منّا، وما أشبه ذلك.
وقوله: عز وجل: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ (1) يقرأ بالتاء والياء. فمن قرأ بالتاء فتقديره: ولا تحسبنّ بخل الذين يبخلون بما آتاهم الله، فحذف البخل، وأقام المضاف إليه مقامه، وهو الذين، كما قال: واسأل القرية ومعناه: أهل القوية. ومن قرأ بالياء فتقديره: ولا يحسبنّ الذين يبخلون بما آتاهم الله من