أضربتهوه على المعنى، والمعنى الأول أجود أن تحكي لفظ المسؤول.
واعلم أنّ هذه الزيادة لا تلحق بعد شيء من حروف الاستفهام ما خلا الألف وحدها؛ لا تقول: من زيداه، ولا أي زيدوه، ولا شيئا من هذا النحو إذا لم يكن قبل كلامهم ألف الاستفهام. وتقول في المضاف نحو عبد الله: أعبد اللهيه، وأعبد الله إنيه، وكلّ موضع جاز فيه أحد هذين العلمين فالآخر جائز فيه، وقد يجوز إذا قال الرّجل: ذهبت أن تقول: أذهبتاه؛ تلحق الزيادة الفعل الذي هو له في المعنى لا في الحكاية، ولا يحكي لفظه كما قال حين قال أتخرج إلى البادية: أأنا إنيه؟ وإن شئت حكيت لفظه فقلت: أذهبتوه.
قال أبو سعيد: الباب كلّه في إثبات العلامة للإنكار، وجعل الإنكار على وجهين:
أحدهما: أن ينكر كون ما ذكر كونه، ويكذّب به أو يبطله؛ كرجل قال لك: أتاك زيد، وزيد ممتنع إتيانه عندك، فينكره بطلانه عندك، فهذا معنى قوله: أنكرت أن تثبت رأيه على ما ذكره.
والوجه الآخر: أن يقول: أتاك زيد، وزيد من عادته إتيانك، فتنكر أن يكون ذلك إلا كما قال؛ كما يقول القائل فيما يردّ عليه من الكلام إذا لم يشكّ فيه، ومن شكّ في هذا ومن أنكره على وجه التعجب والإنكار لذكر مثله مما لا يشك في كونه، وهذا معنى قوله: أو تنكر أن يكون رأيه على خلاف ما ذكر، فإذا قلت لمن قال لك: أتعرف زيدا؟
أزيدنيه، وقول سيبويه: إمّا منكرا لرأيه أن يكون على ذلك: أي منكرا لرأي الذي قال له:
أتعرف زيدا، وأن يعتقد أنّ المسؤول يرتفع عن معرفته، أو لا تبلغ رتبته إلى أن يعرف زيدا.
وقوله: أو على خلاف المعرفة يعني: أو منكرا أن يكون رأيه على أن لا يعرف زيدا؛ لأنّ مثله لا يجهل مثل زيد. والعلامة التي للإنكار على لفظين:
أحدهما: بلحاق حرف آخر اللفظ فيتبع حركته، وإن كان آخر اللفظ ساكنا فيحرّك لاجتماع السّاكنين بحرف ساكن يلقاه، فإنك تحرّكه وتتبعه الحرف الذي منه حركته؛ تقول: أزيدنيه وأزيدنيه وأزيدنيه؛ لأنّ التنوين حرف ساكن يحرّك بالكسر لاجتماع السّاكنين كقولك: جاءني زيد البزّاز، ومررت بزيد البزّاز، ورأيت زيدا البزّاز، فلمّا كسرت النون أتبعته الياء، وإذا كان آخر اللفظ في الكلام الذي ينكر حرفا ساكنا يسقط ولا يحرّك لاجتماع الساكنين فإنك تدخل عليه مثله في التقدير ثم تحذف الأوّل