واحد، كما أنّ الذي وصلته بمنزلة اسم واحد؛ فإذا قلت: هو الذي فعل، فكأنك قلت: هو الفاعل، وإذا قلت: أخشى أن تفعل، فكأنك قلت: أخشى فعلك. أفلا ترى أنّ أن تفعل بمنزلة الفعل، فلمّا أضمرت أن كنت قد وضعت هذين الحرفين مواضعهما؛ لأنهما لا يعملان إلا في الأسماء ولا يضافان إلا إليها، وأن تفعل بمنزلة الفعل.
وبعض العرب يجعل كي بمنزلة حتّى، وذلك أنهم يقولون: كيمه؟ في الاستفهام، فيعملونها في الأسماء كما قالوا: حتّامه؟ وحتّى متي؟ ولمه؟
فمن قال: كيمه فإنّه يضمر أن بعدها، وأمّا من أدخل عليها اللام ولم يكن من كلامه كيمه فلأنّها عنده بمنزلة أن، ويدخل عليها اللام كما يدخل على أن. ومن قال: كيمه جعلها بمنزلة اللام.
واعلم أنّ أن لا تظهر بعد حتى وكي، كما لا يظهر الفعل بعد أمّا في قولك: أمّا أنت منطلقا، وقد ذكر حالها فيما مضى. واكتفوا عن إظهار أن بعدهما بعلم المخاطب أنّ هذين الحرفين لا يضافان إلى فعل، وأنّهما ليسا ممّا يعمل في الفعل، وأن الفعل لا يحسن بعدهما إلا أن يحمل على (أن)، ف (أن) هاهنا بمنزلة الفعل في أمّا، وما كان بمنزلة أمّا ممّا لا يظهر بعده الفعل، فصار عندهم بدلا من اللفظ ب (أن).
وأمّا اللام في قولك: جئتك لتفعل فبمنزلة إن في قولك: إن خيرا فخير، وإن شرّا فشرّ؛ وإن شئت أظهرت الفعل هنا، وإن شئت خزلته وأضمرته، وكذلك أن بعد اللام إن شئت أظهرته وإن شئت أضمرته.
واعلم أنّ اللام قد تجيء في موضع لا يجوز فيها الإظهار، وذلك: ما كان ليفعل، فصارت أن هاهنا بمنزلة الفعل في قولك: إيّاك وزيدا، وكأنك إذا مثّلت قلت: ما كان زيد لأن يفعل، أي ما كان زيد لهذا الفعل. فهذا بمنزلته، ودخل فيه معنى نفي كان سيفعل، فإذا قال هذا قلت: ما كان ليفعل، كما كان لن يفعل نفيا لسيفعل، وصارت بدلا من اللفظ بأن كما كانت ألف الاستفهام بدلا من واو القسم في قولك: الله لتفعلنّ، فلم يذكروا إلا أحد الحرفين إذ كان نفيا لما معه حرف لم يعمل فيه شيئا فكأنه قد ذكر أن. كما أنه إذا قال: سقيا له، فكأنه قال: سقاه الله ".
قال أبو سعيد: قال الكوفيّون في جئت لأكرمك: اللام هي الناصبة لأكرمك، وهي بمنزلة أن، وليست هي لام
الخفض التي تعمل في الأسماء، ولكنّها لام تفيد الشّرط