فأمّا الاستعمال فقولك: فإذن آتيك، وإذن أكرمك.
وبلغنا أنّ هذا الحرف في بعض المصاحف وإذن لا يلبثوا خلفك إلا قليلا وسمعنا بعض العرب قرأها فقال: وإذن لا يلبثوا.
وأمّا الإلغاء فقولك: فإذن لا أجيئك. وقال تعالى: فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً النساء: 53.
واعلم أنّ إذن إذا كانت بين الفعل وبين شيء الفعل معتمد عليه فإنّها ملغاة لا تنصب البتّة، كما لا تنصب أري إذا كانت بين الفعل والاسم في قولك: كان أري زيد ذاهبا، وكما لا تعمل في قولك: إنّي أري ذاهب. فإذن لا تصل في هذا الموضع إلى أن تنصب، فهذا تفسير الخليل. وذلك قولك: أنا إذن آتيك، هي هاهنا بمنزلة أري حيث لا تكون إلا ملغاة.
ومن ذلك أيضا: إن تأتني إذن آتك؛ لأن الفعل هاهنا معتمد على ما قبل إذن.
وليس هذا كقول ابن عنمة الضبي:
اردد حمارك لا تنزع سويّته
… إذن يرد وقيد العير مكروب (1)
من قبل أنّ هذا منقطع من الكلام الأوّل وليس معتمدا على ما قبله؛ لأنّ ما قبله مستغن.
ومن ذلك أيضا: والله إذن لا أفعل، من قبل أنّ أفعل معتمد على اليمين، وإذن لغو.
وليس الكلام هنا بمنزلته إذا كانت إذن في أوّله؛ لأنّ اليمين هاهنا الغالبة. ألا تري أنك تقول إذا كانت مبتدأة: إذن والله لا أفعل؛ لأنّ الكلام على إذن وو الله لا يعمل شيئا.
ولو قلت: والله إذن أفعل، تريد أن تخبر أنّك فاعل، لم يجز، كما لا يجوز:
والله أذهب، إذا أخبرت أنّك فاعل. فقبح هذا يدلّك على أنّ الكلام معتمد على اليمين، وقال كثير عزّة: