جملة على جملة، أوّل الجملة الثانية إذن، فوجب أن تكون عاملة لأنّها ابتداء، كقولك:
إن تأتني آتك وإذن أكرمك، استأنفت إذن أكرمك فجعلته أول الجملة الثانية، وإذا جعلت أكرمك معطوفة على آتك صارت من الجملة الأولى؛ لأنّها داخلة في جواب إن تأتني بالعطف على آتك فجزمته؛ لأنّ إذن صارت غير مبتدأة فلم تعمل.
ويجوز رفعه بإلغاء إذن على أنه داخل في الجملة الأولى في التقدير، كأنّه قال: إن تأتي آتك فقال: وأكرمك إذن، وتكون أكرمك في جملة الجواب الأول، كأنه قال: إن تأتني آتك فقال له: وأكرمك إذن، وتقدّم إذن على هذه النية، وسنرى رفع الفعل المرفوع بعد المجزوم في جواب الشّرط.
وأمّا الرفع في قول كثير: (إذن لا أقيلها)؛ فلأنّ الكلام مبني على يمين، وهو جواب لئن، وتقديره: والله لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها لا أقيلها، وعبد العزيز بن مروان أخو عبد الملك، وقد تقدّم قبل هذا بيت فيه ذكر ما يعود هذا الضّمير إليه، وللنحويين فيه كلام وهو:
وإنّ ابن ليلى فاه لي بمقالة
… ولو سرت فيها كنت ممّن ينيلها (1)
الضّمير في قوله: عاد لي بمثلها، أراد: بمثل المقالة المذكورة في هذا البيت، والمعنى: ممن ينيلهوها، والعائد إلى من هو ضمير المذكّر المنصوب المحذوف، وضمير المؤنث للمقالة، وفي ينيلها ضمير فاعل لابن ليلى، والمعنى: ينيله ابن ليلى إياها، ومعنى لو سرت فيها: لو سرت في طلبها، وما قدّر في ينيلهوها على مذهب سيبويه في اتصال ضمير الغائب بضمير غائب مثله على نحو قول الشاعر:
قد جعلت نفسي تطيب لضغمة
… لضغمهما ها يقرع العظم نابها (2)
فإن قيل: كيف ينيله المقالة؟ فإن المعنى: ينيله المقولة، هي فيه كقولنا: الخلق في معنى المخلوق، وباقي الباب مفهوم من كلام سيبويه، وممّا مرّ من شرحنا.
هذا باب حتّىقال سيبويه: " اعلم أنّ حتى تنصب على وجهين:
فأحدهما: أن تجعل الدخول غاية لمسيرك، وذلك قولك: سرت حتى أدخلها،