سريت بهم حتّى تكلّ مطيّهم
… .. وحتّى الجياد ما يقدن بأرسان (1)
فهذه الآخرة هي التي ترفع.
وتقول: سرت وسار حتى ندخلها، كأنك قلت: سرنا حتى ندخلها؛ وتقول:
سرت حتى أسمع الأذان، هذا وجهه، وحدّه النصب، لأن سيرك ليس يؤدي سمعك الأذان، إنما يؤديه الصبح؛ ولكنك تقول: سرت حتى أكلّ، لأن الكلال يؤديه سيرك.
وتقول: سرت حتى أصبح، لأن الإصباح لا يؤديه سيرك، إنما هي غاية طلوع الشمس.
وفي نسخة أبي بكر مبرمان (2) وغيرها، قال أبو الحسن: أنا أزعم أن (حتى) هذه التي ترفع ما بعدها ليست (حتى) التي تنصب ما بعدها.
قال أبو سعيد: قد ذكرنا أن رفع الفعل بعد (حتى) بإيجاب ما قبله له وتأديته إليه، فإذا قلت: سرت حتى أدخلها جاز أيضا أن يدخلها من يتبعك ومن يسير بسيرك من أجير وعبد وصاحب ورفقة، كنت أنت بسيرك سببا لسيرهم المؤدي إلى الدخول، وكذلك ما معك من ظهر وثقل، دخوله بسيرك لأنه تابعك.
وقوله: لا يجوز سرت حتى أدخلها وتطلع الشمس، لأن تطلع الشمس، لا يرتفع أبدا، لأن السير لا يؤدي إليه، ولا يكون سببا له، فبطل عطفه على (أدخلها)؛ ولا يجوز نصبه وليس قبله ما ينصبها، لأن (حتى) إذا ارتفع ما بعدها
فليست هي (حتى) التي تنصب الفعل بعدها، وقد ذكرنا هذا فيما مضى.
ولو أعاد (حتى) وجعلها ناصبة فقال: سرت حتى أدخلها وحتى تطلع الشمس جاز.
وأما قوله: وقد حلت بينه وبين (حتى)، يعني أنك حلت ب (أدخلها) المرفوعة بين (تطلع) وبين (حتى) الناصبة كأن (أدخلها). لو لم يكن، وكان في موضعها (تطلع