ألم أك جاركم وتكون بيني
… وبينكم المّودة والإخاء (1)
أراد: ألم يجتمع لي الجوار والمودة، يؤكد الحرمة بيني وبينهم والوسيلة إليهم.
وقول دريد:
فلم أفخر بذاك وأجزعا (2)
أي: لم أجمع الفخر والجزع.
وقوله: ائتني وآتيك- على الجواب- فإن أراد أن يأمر في الثاني كما أمر في الأول، أدخل (اللام) فقال: ائتني ولآتيك، لا يجوز حذف (اللام) إلا في الشعر، لأنه لا مجزوم قبله فيعطفه عليه، وقد تقدم الكلام في نحوه.
وأما قول الله- تبارك وتعالى-: فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (3). وكان عيسى بن عمر يقرأ (ولا تكذب بآيات ربنا ونكون) بالرفع ويجعلهما تمنيين معطوفين على (نرد)، وهذا أحد وجهي الرفع.
الذي قال فيه سيبويه: فأحدهما أن يشرك الآخر الأول ويقول: إن الله- جل وعز- أكذبهم في تمنيهم على مذهب من يقول إن التمني خبر، فلذلك وقع عليه التكذيب.
وكان أبو عمرو بن العلاء يقرأهما أيضا بالرفع على غير مذهب عبس، ولكن على الاستئناف على تأويل (ونحن لا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين إن رددنا) والفعلان الآخران خبران غير متمنيين من أجلهما كذبهم، ولم يكن يرى التمني خبرا.
ورفعهما في مذهب أبي عمرو على الوجه الآخر من وجهي الرفع الذي قال فيه سيبويه:
والآخر على قوله: دعني ولا أعود، أي: فإني ممن لا يعود، فإنما يسأل الترك، وقد أوجب على نفسه ألا عودة له
البتة ترك أو لم يترك.
وأما قراءة عبد الله بن أبي إسحاق بنصب الفعلين الآخرين (ولا نكذب ونكون) فتقديره: يا ليتنا يجتمع لنا الرد وترك التكذيب والكون في جملة المؤمنين، وظاهر هذا التقدير يوجب أن الفعلين الآخرين متمنيان على ما ذكرنا من تقدير (الواو)، ولأن التمني إذا وقع لاجتماع هذه الأشياء فهي متمناة؛ ولو كان مكان الواو فاء فقيل: يا ليتنا نرد فلا