(يكلمه الله) ولا يكون الناصب له (أن) هذه الظاهرة، لأنا إذا أوقعنا (أن) هذه الظاهرة على (يرسل) صار التقدير: ما كان لبشر أن يرسل الله إليه رسولا وهذا فاسد في المعنى ولكنه محمول على ما بعد إلا وتقديره: ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا أن يوحي إليه أو يرسل إليه، وهو عطف مصدر على مصدر.
وأما من قرأ: ((أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه)) فإنه يجعل (وحيا) بمنزلة (موحيا)، كما تقول: أتاني زيد مشيا أي ماشيا، فيكون (وحيا) الذي هو مصدر في موضع اسم الفاعل حالا، و (يرسل) فعل مستقبل في موضع اسم الفاعل حال معطوف على (وحيا)، تقول: جاءني زيد يضحك في معنى: ضاحكا.
وأما قول الأعشى:
أو تنزلون فإنّا معشر نزل (1)
فقد ذكر سيبويه فيه قول الخليل على تقدير: أو تركبون أو تنزلون، وذكر عن يونس أنه يرفعه على الابتداء كأنه قال: أو أنتم نازلون قال وقول يونس أسهل.
قال أبو سعيد: وفيه قول ثالث، وهو عندي أسهل من هذين القولين، وهو أن تقدر في موضع (إن تركبوا) إذا تركبون، لأن (إن) و (إذا) يجازى بهما وهما مقارنان في معنى ما يريده المتكلم، وإن كان بعد (إن) مجزوم، وبعد (إذا) مرفوع؛ فإذا قدرنا (أتركبون) وهو في معنى (أن تركبوا) عطفنا (أو تنزلون) عليه في التقدير.
قال سيبويه: لما ذكر قول الخليل في (أو تنزلون) وعطفه على تقدير (أتركبون) وأنه جعله كقول زهير (ولا سابق شيئا) على تقدير: لست بمدرك ما مضى، والاشتراك على هذا التوهم بعيد كبعد (ولا سابق شيئا)، يعني بعد عطف (أتنزلون) على توهمهم (أتركبون) كبعد عطف (سابق) على توهم (بمدرك ما مضى)؛ ولو كان هذا كهذا التوهمّ في (الفاء) و (الواو) من غير ضرورة إلى ذلك.
وقيل: هو يأتيك فيحدثك، على توهم: يكون منه إتيان فحديث؛ وإنما تفعل ذلك فيما خالف معناه التمثيل للضرورة نحو: لا تأته فيشتمك، على: لا يكون منك إتيان فشتيمة. وباقي الباب مفهوم مستغنى عن شرحه بما ذكره سيبويه أو بشرح نظائره.