أتيتني لأكرمنك.
فإن قلت: لئن تفعل لأفعلنّ قبح؛ لأن (لأفعلن) على أول الكلام، وقبح في الكلام أن تعمل (إن) أو شيء من حروف الجزاء في الأفعال حتى تجزمها في اللفظ، ثم لا يكون لها جواب تنجزم بما قبله. ألا ترى أنك تقول: آتيك إن أتيتني، ولا تقول:
آتيك إن تأتني، إلا في شعر، لأنك أخّرت (إن) وما عملت فيه، ولم تجعل ل (إن) جوابا ينجزم بما قبله.
فهكذا جرى هذا في كلامهم. ألا ترى. أنه قال- عز وجل-: وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (1) وقال- عز وجل-: وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ (2). لمّا كانت (إن) العاملة لم يحسن إلا أن يكون لها جواب ينجزم بما قبله. فهذا الذي يشاكلها في كلامهم إذا عملت.
وقد تقول: إن أتيتني آتيك، أي: آتيك. إن أتيتني.
قال زهير:
وإن أتاه خليل يوم مسألة
… يقول لا غائب مالي ولا حرم (3)
ولا يحسن: إن تأتني آتيك، من قبل أنّ (إن) هي العاملة، وقد جاء في الشعر، قال جرير بن عبد الله البجلي:
يا أقرع بن حابس يا أقرع
… إنك إن يصرع أخوك تصرع (4)
أي تصرع إن يصرع أخوك، ومثل ذلك قوله:
هذا سراقة للقرآن يدرسه
… والمرء عند الرّشا إن يلقها ذيب (5)
أي: المرء ذئب إن يلق الرشا. قال الأصمعي: وهذا قديم أنشدنيه أبو عمرو.
وقال ذو الرمة:
وأنيّ متى أشرف على الجانب الذي
… به أنت من بين الجوانب ناظر (6)