الحال، والجزم على البدل، وذلك قولك: إن تأتني تمشي أمش معك، وإن تأتني تسرع أحسن إليك، وتأويله ماشيا ومسرعا. وقوله:
ومن لا يزل يستحمل الناس نفسه (1)
في معنى مستحملا، وهو خبر لا يزال، وليس بحال، وموضوع الشاهد منه: أنّ (يستحمل) في موضع اسم كالحال، وهو الذي أوجب رفعه، ومثله مما جعل في موضع الحال:
متى تأته تعشو إلى ضوء ناره (2)
في تقدير عاشيا إلى ضوء ناره، وأما الجزم فعل البدل من الفعل الأول.
وإنما يبدل الفعل من الفعل إذا كان في معناه وتأويله، وليس في بدل الفعل من الفعل ما يقع في وجوه بدل الاسم من الاسم من التبعيض والاشتمال لأن الفعل لا يجمع، فيكون له بعض فيبدل من جميعه، ولا يقع فيه ما يقع في الاسم من الاشتمال، وقد يقع فيه من بدل الغلط ما يقع في الاسم، لأن ذلك إنما هو سبق اللسان إلى لفظ المراد غيره فيتلافى، فمن البدل إن تأتنا تمشي نمش معك، وإن تأتنا تسرع أحسن إليك لأن تقديره:
إن تمش نمش معك، وإن تسرع أحسن إليك، ومن الشاهد لذلك قوله.
متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا .. تجد
... (3)
لأن الإلمام بالقوم إتيان لهم. وأما قوله:
تجد حطبا جزلا ونارا تأجّجا (4)
ففي (تأججا) ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يجعل الألف للتثنية، وهي للحطب والنار، وذكّرت لتذكير الحطب، والثاني: أن يكون للحطب، والثالث: أن تجعل النار في تأويل الشهاب، ومعناه معناه.
وقوله: إن تبخلوا جواب الشرط فيه لا يحفلوا، ويغدوا بدل من لا يحفلوا، ولا يجوز أن يكون بدلا من يحفلوا وحدها دون (لا) لفساد المعنى، لأنك إذا جعلت يغدوا في موضع لا يحفلوا، فالمعنى صحيح، وتقديره إن يبخلوا أو يجبنوا، أو يغدروا يعدوا عليك مرجّلين، وغدوهم مرجلين هو ترك الحفل بذلك، وقلّة المبالاة؛ وإذا جعلته بدلا من يحفلوا وحدها، فتقديره أن يقع بعد (لا)، فيكون تقديره: إن يغدروا لا يغدروا مرجلين،