مكانها ألفا، فصارت تثنية المرفوع بالألف. وإنما فعلوا ذلك لعلل منها: أنهم كرهوا أن يستعملوا حرفين من حروف المد واللين، ويطرحوا الثالث، وقد كانت الحركات المأخوذات منهن مستعملات في الواحد، واستعملوا الألف في التثنية دون الجمع، لأن ما قبل حرف التثنية مفتوح مشاكل للألف واستعملوه في المرفوع دون المجرور لثلاث علل.
إحداها: أن المجرور قد الحقوا به المنصوب فلو استعملوها فيه للحق به المنصوب وكان يعود المنصوب بالألف وقد أزيلت علامته بالألف لما وصفنا.
والعلة الثانية: أن المجرور ألزم في الاسم من المرفوع وأخص به وكان تغيير ما ليس بلازم أولى من تغيير اللازم.
والعلة الثالثة: وهي أنهم لما احتاجوا إلى إبدال الياء: أو إبدال الواو وبالألف وإزالة إحداهما كانت إزالة الواو وإبدالها أولى لأنها أثقل.
ومما أوجب أن تستعمل الألف أن تثنية المرفوع إذا استعملت بالواو فقيل:
مسلمون يشبه ما جمع من المقصور جمع السلامة نحو مصطفون ومعلون، وأشباه ذلك.
فإن قيل فأنتم إذا قلتم مسلمين، فهو يشبه معلين ومصطفين.
قيل له إذا وقع الفرق في وجه من التثنية، كان الفرق الواقع فيها دلالة على ما لم يفترق في اللفظ وما قل في اللبس كان أولى مما كثر واتسع، فإذا أبدلنا الألف من الواو في التثنية لئلا يشبه مصطفون وتركنا الياء في التثنية، وإن أشبهت في اللفظ " مصطفين " فقد فرقنا في المرفوع بين التثنية والجمع الذي على حدها وإن لم يفعل ذلك وقع اللبس بين المرفوع والمجرور جميعا.
فإن قال قائل: فهلا استعملوا النصب بالألف في التثنية أو الجمع، وأسقطوه في الآخر لأن اللبس إنما يقع باستعماله فيهما.
قيل له: لما كان جمع السلامة كالتثنية في تسليم لفظ الواحد وزيادة ما يدل على التثنية والجمع وقد وجب ما ذكرناه من إسقاط النصب من أحدهما، كرهوا استعماله في الآخر، لئلا يختلف طريقهما، وهذا مثله كثير في
العربية، منها أنهم قالوا: " يعد ويزن " والأصل يوعد ويوزن لأن فاء الفعل واو فحذفوها لوقوعها بين ياء وكسرة في يوعد ويوزن ثم اتبعوا الحذف بسائر الأفعال المضارعة فقالوا تزن وتعد وإن لم تقع الواو بين ياء وكسرة حتى لا تختلف الأفعال المضارعة إذا كانت طريقتها واحدة.