ملوك) وإن كان لفظه لفظ الاستفهام فإن معناه معنى الأمر، كأنه قال:
لتنته عنا ملوك إن تنته عنّا لا يبوء الدم بالدم، ومعنى لا يبوء الدم بالدم لا يقتل واحد بآخر يريد أن الملوك إن قتلوا منا قتلنا منهم، ولو حمل هذا على لفظ حقيقة الاستفهام أن الألف للاستفهام، ولا للجحد، فيكون الشرط المقدر بلفظ
الجحد، فيصير التقدير ألا تنته عنا ملوك، فإذا قيل ألا تنته عنا ملوك فحق الكلام. يبوء الدم بالدم، ولم يدخل فيه لا، وعلى هذا تأويل ألا تأتيني أحدّثك، تأويله أتيتني أحدّثك، ولو حمل على حقيقة الاستفهام صار تقدير الشرط ألا تأتني وجوابه لا أحدّثك، وقوله:
متى أنام لا يؤّرقني الكرى
… ليلا ولا أسمع أجراس المطيّ (1)
كأن قائل هذا الشعر مكان من يكرى الإبل، والكرى: المكتري والمكتري منه، و (متى) استفهام وللجزم في لا يؤرقني وجهان:
أحدهما أنه جزم جواب الشرط الاستفهام، وتقدير الشرط فيه: إن أنم لا يؤرّقني، كأنه لم يعد نومه نوما، وجعل النوم هو الذي لا ينبهه منه الكرى، والوجه الآخر أنّ يؤرقني مرفوع تركت ضمته استثقالا، كما قال:
وقد بدا هنك من المئزر (2)
في معنى هنك، ومعناه متى أنام غير مؤرّق، كأنه تمن النوم الذي لا ينتبه منه ولا يكون فيه سهر، وفي هذا المعنى أشمّه الرفع من أشمه؛ وقد يجوز في جواب الأمر الرفع على الاستئناف، وعلى الحال والاستئناف نحو قولك: ائتني آتيك.
كأنه قال: أنا آتيك، ويقع في مثله ما يحسن فيه الرفع على الاستئناف والحال، كقول القائل: ذره يقول ذاك على معنى قائلا ذاك، وعلى الاستئناف، وكذلك وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (3) على معنى عامهين، وعلى معنى هم يعمهون مستأنفا، وسائر ما ذكره سيبويه فيه الرفع على هذين الوجهين كذلك، وقول الأنصاري:
... والحقّ عنده فقفوا
… ... (4)