إعراب بمنزلة الضمة والكسرة والفتحة في دال " زيد ".
فاحتج عليهم الآخرون فقالوا هذه الحروف إذا حذفت بطل معنى التثنية، والإعراب إنما يدخل الكلمة بعد تمام معناها.
فقال لهم أهل هذه المقالة: قد يجوز أن يكون الحرف من الكلمة نفسها ويكون أيضا إعرابا، وذلك أنا لا نختلف أن الأفعال التي في أواخرها الياء والواو والألف جزمها بسقوط هذه الحروف منها، كقولك: " لم يقض " و " لم يغز "
و" لم يخش "، فإذا جاز أن يكون الإعراب بحذف شيء من الكلمة نفسها جاز أن يكون بإثباته.
وقال أهل المقالة الثانية: ويدل على صحة ما قلت قول سيبويه: اعلم أنك إذا ثنيت الواحد لحقته زائدتان الأولى منهما حرف المد واللين، وهو حرف الإعراب غير متحرك ولا منون يكون في الرفع ألفا، والرفع لا يكون إلا إعرابا، وقد جعله سيبويه رفعا فصح أنه إعراب.
فإن قال قائل: فإن سيبويه قد سمى الضمة رفعا في نداء المفرد كقولك: " يا زيد " وليست بإعراب.
فإن الجواب في ذلك: أنه إنما سماها رفعا من حيث كانت ضمة لتشابه الصورتين ضمة الرفع وضمة البناء، والألف لا تكون علامة للرفع فيسمى ألف الاثنين رفعا لمشابهتهما، فصح أن نفس الألف هي الرفع.
قالوا: وقول سيبويه: " وهو حرف الإعراب " هو أيضا دليل على ما قلنا؛ لأن معناه الحرف الذي به أعرب الاسم، كما تقول: " الرجل " فضمة الإعراب التي على اللام دون الضمة الأخرى، وهي الإعراب، كذلك حرف الإعراب هو الحرف الذي أعرب به الاسم.
ثم نعود إلى تفسير الفصل من كلام سيبويه حرفا حرفا، وإن كنا قد أتينا على تفسير قوله " أعلم أنك إذا ثنيت الواحد لحقته زائدتان " يعني لحقته ألف ونون أو ياء ونون؛ وإنما أنث " زائدتان "، لأن حروف المعجم تؤنث وتذكر، والتأنيث أغلب فيها.
وقوله: " الأولى منهما حرف المد واللين وهو حرف الإعراب " يعني الأولى ألف أو ياء فأيهما كان فهو حرف المد واللين، وهو حرف الإعراب، يعني حرف المد واللين الذي ذكر هو حرف الإعراب. وقد ذكرنا فيه قولين أحدهما أنه بمنزلة الدال من زيد