ذلك قوله عز وجل: قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ (1) وقال ابن الاطنابة:
أبلغ الحارث بن ظالم المو
… عد والناذر النذور عليّا (2)
أنّما تقتل النيّام ولا تق
… تل يقظان ذا سلاح كميا
فإنما وقعت " أنما " هاهنا لأنك لو قلت: (أن إلهكم إله واحد)، (وأنك تقتل النيام) كان حسنا وإن شئت قلت: أنما تقتل النيام، على الابتداء زعم ذلك الخليل، فأما " أنما " فلا تكون اسما وأنما هي فيما زعم الخليل بمنزلة فعل ملغي. مثل: (أشهد لزيد خير منك) لأنها لا تعمل فيما بعدها. ولا تكون إلا مبتدأة بمنزلة إذ و " إذا " لا تعمل شيئا.
واعلم أن الموضع الذي لا يجوز فيه " إنّ " إلا مبتدأة لا تكون فيه " أنما " إلا مبتدأة مثل قولك:
" وجدتك أنما أنت صاحب كل خنى "
لأنك لو قلت: وجدتك أنك صاحب كل خنى لم يجز. وذلك أنك إذا قلت:
أرى أنه منطلق " فأنما وقع الرأي على شئ لا يكون الكاف التي في وجدتك ونحوه من الأسماء. فمن ثم لم يجز: رأيتك إنك منطلق وأنما أدخلت " أنما " على هذا الكلام مبتدأ كأنك قلت: وجدتك أنت صاحب كل خنى. ثم أدخلت " أنما " على هذا الكلام فصار كقولك: " أنما أنت صاحب كل خنى " لأنك أدخلتها على كلام قد عمل بعضه في بعض. ولم تضع " أنما " في موضع " ذاك " إذا قلت: " وجدتك ذاك " لأن " ذاك " هو الأول. و " أن " و " أنما " أنما يصيران الكلام شأنا وحديثا فلا يكون الخبر ولا الحديث " الرجل " ولا " زيدا " ولا أشباه ذلك من الأسماء. وقال كثير.
أراني ولا كفران لله إنّما
… أواخي من الأقوام كل بخيل (3)