بالألف في التثنية؛ لأن الألف مأخوذ منها الفتحة، للزمهم أن يجعلوا النصب بالألف في الجمع فكانت تلتبس التثنية بالجمع، وقد مر نحو هذا.
فإن سأل سائل فقال: ما معنى دخول اللام في: " ليكون " وأي لام هي؟ وما تقدير الكلمة؟
فإن الجواب في ذلك أن معناه تركوا جعل النصب بالألف لئلا يكون مثله في الجمع، كأن تركهم جعل النصب بالألف في التثنية أن تلزمهم جعله بالألف في الجمع كقوله تعالى: يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا (1) ومعناه كراهة أن تضلوا وبعضهم يقول: لئلا تضلوا وكذلك لم يجعلوا النصب ألفا لكراهة أن يكون مثله في الجمع، وإن شئت: لئلا يكون مثله في الجمع. وظاهر أن تركهم الألف في تثنية المنصوب علة أن يكون مثله في الجمع، وليس كذلك؛ لأنهم ما تركوه في التثنية ليثبتوه في الجمع كما أن الله تعالى ما بين لهم ليضلوا. وهذه اللام هي لام المفعول له، وتكون داخلة على علة وقوع الفعل والسبب الفعل فكان هذا أغلب وأقوى " يعني إتباع النصب بالجر أولى؛ لأن الجر لا
يكون إلا في الاسم والرفع قد يكون في الاسم والفعل وقد أحكمنا هذا فيما مضى.
قال أبو الحسن الأخفش بعد الفصل الذي أمللناه من كلام سيبويه ولم يتبع الجر الرفع. لأنه أول ما يدخل الاسم، فقد ثبت الرفع قبل الجر وقد مر تفسير هذا.
وقال سيبويه: " وتكون الزائدة الثانية نونا كأنها عوض لما منع من الحركة والتنوين وهي النون وحركتها الكسر، وذلك قولك الرجلان ورأيت الرجلين ومررت بالرجلين ".
قال أبو سعيد: إن سأل سائل فقال ما الدليل على أن النون عوض من الحركة والتنوين؟
قيل له: الدليل على ذلك أنا رأينا الاسم المنفرد فيه حركة، وتنوين بحق التمكن والاسمية، فلما ضم إليه غيره وثني معه، زيد عليه حرف لمعنى التثنية، فامتنع ما قبل حرف التثنية من الإعراب والتنوين وألزم حركة واحدة، ولم تزل التثنية عنه ما كان له من الاسمية والتمكن، فعوض النون من الحركة والتنوين؛ لأن المعنى الذي أوجبها لم تزله التثنية.