أحقّا أن جيرتنا استقلّوا
… فنيّتنا ونيّتهم فريق
وقال عمر بن أبي ربيعة:
أالحق إن دار الرّباب تباعدت
… أو أنبت حبل أنّ قلبك طائر؟ (1)
وقال النابغة الجعدي:
ألا أبلغ بني خلف رسولا
… أحقّا أنّ أخطلكم هجاني (2)
فكل هذه الأبيات سمعناها من أهل الثقة هكذا. والرفع في جميع هذا جيد قوي وذلك أنك إن شئت قلت: أحق أنك ذاهب. وأكبر ظنك أنك ذاهب تجعل الآخر هو الأول. وأما قولهم: " لا محالة أنك ذاهب " فإنما حملوا " أنّ " على: أن فيه إضمار " من " على قولك: (لا محالة أنك) كما تقول: (لابد أنك) كأنك قلت: لابد من أنك حين لم يجز أن يحملوا الكلام على القلب.
وسألته عن قولهم: أمّا حقا فأنك ذاهب فقال: هذا جيد. وهذا الموضع من مواضع إنّ ألا ترى أنك تقول: أما يوم الجمعة فإنك ذاهب. وأما فيها فأنك قائم وأنما جاز هذا في " أما " لأن فيها معنى يوم الجمعة مهما يكن من شئ فإنك ذاهب.
وأما قوله عز وجل: لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ (3) فإن " جرم " عملت لأنها فعل ومعناها: لقد حق أن لهم النار، ولقد استحق أن لهم النار.
وقول المفسرين معناها: حقا أن لهم النار يدلك أنها بمنزلة هذا الفعل إذا مثلت. " جرم " قد عملت في " أن " عملها في قول القزاري: (4)
ولقد طعنت أبا عيّينة طعنة
… جرمت فزارة بعدها أنّ يغضبوا (5)