قال أبو سعيد: قد ذكرنا أن ما بعد: " قال " بمنزلة كلام مبتدأ والاعتمال به حكاية لفظ اللافظ المحكى عنه. ومعنى
قوله: " فأن " لا تعمل فيها " قال " فينقلها من الكسر إلى الفتح كما لا تعمل في المبتدأ أو الخبر الذي تعمل فيه " أن " إذا قلت: " قال زيد عمرو خير الناس ". وقوله: لأن " أن تجعل الكلام شأنا وأنت لا تقول: قال الشأن: يعني أنك إذا قلت: " قال زيد أن عمرا خير الناس " تخرج عن حكاية كلامه. فصار بمنزلة عرف زيد شأن عمرو وفهمه. وقد مضى.
وزعم زيد الشأن متفاقما. وليس ذلك بحكاية أنما هو اعتقاد لأمر وليس بحكاية.
وقد مضى الكلام في نحوه.
وقوله: وتقول: قال عمرو أنه منطلق. فحق الحكاية أن تقول: قال عمرو أني منطلق وكذلك إذا قلت: قال عمرو هو منطلق فحق الحكاية أن تقول: قال عمرو أنا منطلق لأن هذا لفظه الذي لفظ به. ولهم قد يغيرون لفظ الغيبة إلى الخطاب ولفظ الخطاب إلى الغيبة؛ لأن ذلك أقرب إلى الأفهام. ولا يعد ذلك تغييرا. لأن الذي يقول: أن زيدا منطلق. ولو واجهة لقال: أنك منطلق ولم يكن ذلك مغيرا للكلام عن منهاجه.
ولو أن زيدا قال: " أن عمرا خير الناس " ثم واجهت أنت عمرا لجاز أن تقول: قال زيد أنك خير الناس يا عمرو.
وإذا قال: (أول ما أقول أني أحمد الله) ما أقول " مبتدأ " وأني أحمد الله (خبر) وتقديره: حمد الله. وليس بحكاية لفظ وإنما هو معنى ما في نفسه. واسميته والعبارة عنه:
حمد الله. وهو كقولك: أول أمري حمد الله والثناء عليه. ولو لم يقل: " أول " لقلت على ذلك. قولي أني أحمد الله. وقولي حمد الله وأمري أني أحمد الله. وأمري حمد الله. وإذا قال:
أول ما أقول: أني أحمد الله. " فأول ما أقول " مبتدأ " وأني أحمد الله " جعله في موضع الخبر.
ولوضعت في موضع الفعل فقلت أول ما أقول: (أحمد الله) لجاز لأنك إذا كسرت فقد جعلته اللفظ الذي يلفظ به ومعناه. وقد تقول: " أني أحمد الله " و " أحمد الله " بغير " إني " على طريق الحكاية.
وباقي الباب مفهوم هذا باب من أبواب «إن»وذلك قولك: قد قاله القوم حتى أن زيدا يقوله " وانطلق القوم حتى أن زيدا