الوقف والنون متحركة ثابتة في الوقف وسلم قولنا من المناقضة والدخل؛ لأنا نقول إن النون تدخل عوضا من الحركة والتنوين فلم تدخل إلا كذلك.
والوجه الثاني من الوجهين أن النون لما دخلت عوضا من الحركة والتنوين، ثم رأيناها تسقط في المضاف مع ثبوت أحد بدليها وهي الحركة إذا قلت: " هذان غلاما زيد " فكان المضاف في سقوط النون عنه بمنزلة ما ليس فيه حركة؛ إذ قد سقطت عنه النون التي هي عوض من الحركة والتنوين، فجعلوا الحركة التي في المضاف ولم يعوض منها شيء مع الحركة التي في الألف واللام بمنزلة حركتين فعوضوا منها النون، وجعلوا سقوط النون في المضاف مع ثبوت أحد بدليها، كثبوت النون في الألف واللام مع سقوط أحد بدليها للاعتدال.
فإن قال قائل: فهلا أثبتوها مع المضاف وأسقطوها مع الألف واللام؟
فإن في ذلك ثلاثة أجوبة أحدها: أن المضاف إليه محله محل التنوين وجعلت الألف واللام في أول الكلام فكان حذف النون وإحلال المضاف إليه محلها أحسن وأجود.
والوجه الثاني أن المضاف إليه مع المضاف كالشيء الواحد، والنون والتنوين يفصلان الكلمة عما بعدها، والألف واللام تفصل الكلمة أيضا عما بعدها كفصل النون والتنوين، فكان زيادة النون مع الألف واللام تأكيدا لمعناها، ومع الإضافة نقصا لفحواها.
والوجه الثالث أن الألف التي هي مثل علامة التثنية قد تلحق الواحد مع الألف واللام في القوافي، وفي أواخر الآي
كقول الله تعالى: فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (1) وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (2) قال الشاعر:
أقلّى اللوم عاذل والعتابا
… وقولي إن أصبت لقد أصابا (3)
فلو أسقط النون مع الألف واللام لجاز أن يظن في حال أنه واحد.
فإن قال قائل: فلم تدخل النون ما لا ينصرف إذا ثنيته كقولك: " أحمر وأحمران " ولا تنوين في الواحد؟
فإن الجواب في ذلك أن ما لا ينصرف من الأسماء أصله الصرف وإنما دخلته علة