والثاني: قول الفراء: هذه من كلمتين كانتا يجتمعان كانوا يقولون: والله أنك لعاقل فخلطتا فصار فيهما اللام والهاء من " الله " والنون من " أن " المشددة وحذفوا ألف " أن " كما حذفوا الواو من أول " والله ". وأنشد في " لهنك " قول الشاعر:
لهنك من عينيه لوسيمة
… على هنوات كاذب من يقولها (1)
وقال:
لهن خباء لا قعيدة تحته
… سوى لمسترخى الحبال خفوق (2)
تطيف به شدّ النّهار ظعينة
… طويلة أنقاء اليدين سحوق
يقول: ليس لي أقل يعينني عليه فليس يكون شده محكما وخفوق: مضطرب. شد النهار: ارتفاعه والأنقاء جمع نقى وهو كل عظم فيه مخ والنقى أيضا هو " المخ " و " سحوق " طويلة.
الثالث: حكاه المفضل بن سلمة (3) لغير الفراء معناه: أنك لمحبس.
قال: وهذا أسهل في اللفظ وأبعد في المعنى. والذي قاله الفراء أصح في المعنى لأن قول القائل: (والله أنك لقائم) أصح من: " لله أنك لقائم " واللام في الجواب دليل على القسم وقولهم: تعجب. والتعجب لا يدخل معه " إنّ " وذلك أن التعجب وضع لما هو قائم ولما قد مضى كقولك: ما أحسن زيدا. فيما هو قائم وما أجمل ما فعل فيما قد مضى.
قال: وإن للاستقبال لا غير وضعت ثم كثرت حتى صارت للواجب على معنى الواجب.
قال أبو سعيد: هذا حكاية كلام المفضل بن سلمة.