حرف الجر من " أن " لطوله على ما ذكرت لك.
وأما عسى فإنها موضوعة لفعل يتوهم كونه في الاستقبال فاحتاجت لذكر " أن " للدلالة على المستقبل كقولك: عسى زيد أن يفعل وعسى السماء أن تمطر كما تقول: أنه خليق أن يفعل واخلولقت السماء أن تمطر. ولا يجوز: عسى زيد الفعل.
ولا: عسى زيد للفعل. كما تقول: زيد خليق للفعل وأخلولقت السماء للمطر. فإن قيل: فما الفصل بينهما ومذهبهما في الاستقبال واحد؟
والفصل بينهما أن " خليق " وما جرى مجراه من: " فمن " و " حرى " أسماء فاعلين ولها أفعال تتصرف في المضي والاستقبال. أشبهت باب " مريد " و " محب " و " مشته ".
فقيل: خليق للفعل كما قيل: مريد له. ومحب له. ومشته له. وليس كذلك " عسى " لا مستقبل له. ولا اسم فاعل ولا مصدر. وأيضا فإن " خليق " وبابه شيء موجود وعلامة قائمة في الشيء كالإرادة والشهورة وليس كذلك " عسى ".
واعلم أن " أن " تقع بعد هذه الأشياء على وجهين:
أحدهما: أن تكون في موضع رفع فاعله.
الآخر: أن يتقدم فاعل وتأتي " أن " بعده فتكون في تقدير منصوب تقول إذا كانت " أن " هي الفاعلة: " عسى أن تفعل " و " عسى أن تفعلا " و " عسى أن تفعلوا " و " عسى أن تفعل " و " عسى أن يفعلن " ففاعل " عسى ": أن يفعل و " أن يفعلا " وأن يفعلوا وأخلولق أن تفعلي.
وفي هذا الوجه تقول: الزيدان عسى أن يخرجا. والزيدون عسى أن يخرجوا والهندات عسى أن يخرجن والوجه الثاني أن تقول: عسيت أن أفعل. وعسينا أن نفعل. وعسيت أن تفعل وعسيتما أن تفعلا. وعسيت أن تفعلي. والزيدان عسيا أن يفعلا. والزيدون عسوا أن يفعلوا. والهندات عسين أن يفعلن.
قال أبو العباس: عند ذكر سيبويه في هذا الفصل: عسيا وعسوا هو الجيد واحتج بقوله عز وجل: فَهَلْ عَسَيْتُمْ (1) وذهب عليه قوله: وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ