ذلك: " أم يقولون افتراه "؟ بمعنى: أيقولون افتراه على وجه الإنكار عليهم.
ولو قيل: بل يقولون صار ذلك من قولهم على وجهة الإخبار منهم بحسب وإذا كان على جهة: أيقولون افتراه؟ فهو على جهة التثبيت عليهم بالتقرير لهم بذلك ولا يجعله موجها عليهم بالإخبار عنهم فهذا الفصل بين " أم " وبين " بل ".
والتوعد نحو قولك لمن يشتمك أو يجترئ عليك: أتشتمني؟ وأتجترئ علي؟
وقوله: أعمرو عندك أم عندك زيد؟ والوجه الظاهر فيه أن يكون بمعنى " أم " المنقطعة كأنه استفهم عن الأول بقوله: أعمرو عندك؟ وفي نيته الاقتصار عليه ثم أدركه في " زيد " من الشك ما أدركه من " عمرو " فسأل عنه. لأن " أم " المنقطعة تأتي بعد الخبر وبعد الاستفهام. ولو جعلت بمعنى: " أيهما " لنابت " أيهما " عن عمرو و " زيد " ومن " ألف " الاستفهام وعن " أم ".
وصار التقدير: أيهما عندك عندكم لأن: " عندك " مكررة في ذكر " عمرو " و " زيد ".
فوجه الكلام على كلامين كل واحد منهما قائم بنفسه وألا يكون على وجه التكرير.
قال أبو سعيد: وإذا كان بعد " أم " حرف الجحد الذي هو نقيض ما قبله فمعناها ومعنى (أو) سواء وذلك قولك: أعندك زيد أم لا؟ " أم " منقطعة كأنه حيث قال: أعندك زيد؟ كان يظن أنه عنده فسأل عنه وحده ثم أدركه مثل ذلك الظن في أنه ليس عنده فقال: أم لا؟
والدليل على أنها منقطعة: أن السائل لو اقتصر على قوله: أعندك زيد. لاقتضى استفهامه عن ذلك أن يقال: نعم أو
لا.
فقوله: أم لا مستغنى عنها في تتميم الاستفهام الأول وإنما يذكره الذاكر ليبين أنه عوض له الظن في نفي أنه عنده كما كان عرض له الظن في أنه عنده و " أو " تقتضي هذا المعنى وذلك أنه إذا قال: " أعندك زيد " فالسائل شاك مستفهم يلتمس أن يقال له " نعم " أو " لا " وهو يعلم أنه أما عنده وإما ليس عنده. وإذا قال: أعندك زيد أو لا؟ فقد أتى ب (أو) وهو مستغن عنها بما اقتضاه سؤاله وبما علم من حاله أنه يعتقد أحد الأمرين.
ولذلك استوى " أم " و " أو " فيه. ويدخل في هذا المعنى ما حكاه الله تعالى عن