لأنك إذا كررتها فقد جعلت الكلام الثاني منقطعا من الأول. وصارت " أو " بمنزلة " أم " وصار المتكلم إذا قال: ألست صاحبنا؟ أو لست جليسنا؟ معرضا عن الأول معتمدا على الثاني وكذلك لو لم يكن استفهام فأخبرت فقلت:- لست بشرا أو لست عمرا.
وكذلك: ما أنت ببشر وما أنت بعمرو. ولم يجئ إلا على معنى: لا بل ما أنت بعمرو ولو أراد أن يقول: ما أنت لست بواحد منهما لقال: لست عمرا ولا بشرا.
أو قال: لست بشرا أو عمرا. كما قال الله عز وجل: وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً بمعنى ولا كفورا.
قال: ولو قال: " أو لا يطع كفورا " انقلب المعنى يعني: أنه إذا أعاد " أو لا تطع " يصير إضرابا كأنه ترك النهي عن اتباع الإثم وأضرب عنه ونهى عن طاعة الكفور فقط.
وقوله: " فينبغي لهذا أن يجئ في الاستفهام منقطعا " يعني: أن " أم " لا تقع في النهي. لأنها استفهام. ولكنها تدخل فيما كان خبرا فيكون استفهاما. ويكون دخول " أم " فيه كدخول " أو " في النهي إذا قلت: أو لا كفورا.
وذلك قولك: أما أنت بعمرو؟ أم أنت ببشر؟ تكون " أم " في هذا نظيره " أو " في:
" أو لا يطع ". لأنهما يكونان للإضراب عن الأول. فيصير كأنه قال: " بل لا تطع كفورا " بل ما أنت ببشر.
وقد مضى الكلام في " أم " المنقطعة وشرحها ووجوهها قبل.
هذا باب لبيان «أم»لم دخلت على حروف الاستفهام ولم تدخل على الألف؟
تقول: أم من يقول؟ أم هل تقول ولا تقول: أم أتقول؟
وذلك لأن " أم " بمنزلة الألف وليست أي ومن (ما) و " متى " بمنزلة الألف أنما هي أسماء بمنزلة: هذا وذاك. إلا أنهم تركوا الألف التي للاستفهام هنا إذ كان هذا النحو من الكلام لا يقع إلا في المسألة.
فلما علموا أنه لا يكون إلا كذلك استغنوا عن الألف وكذلك " هل " أنما هي بمنزلة " قد " إلا أنهم تركوا " الألف " إذا كانت " هل " لا تقع إلا في الاستفهام.