تجئ إلا مستقلة. فهم قد استغنوا في الاستقبال عنها. واحتاجوا إلى " أم " إذ كانت لترك شيء لأنهم لو تركوها لم يتبين المعنى.
ومعنى قوله: أن " أم " تجئ بمنزلة: " لا بل للتحويل من شيء إلى شيء. يعني أنها إذا كانت منقطعة دلت على مثل ما دلت عليه " بل " في ترك شئ إلى شيء.
ولو جئنا بالألف في موضع " أم " لكنا قد استأنفنا الاستفهام ولم يكن فيه ترك شيء إلى شيء. ألا ترى أن رجلا لو أبصر شخصا من بعيد فقال: هو زيد. ثم شك فيه أو عن له رأى في خلاف ما قال. فقال: أم أنا لا أبصر؟ علم أنه ترك قوله الأول. أو شك فيه.
وسبيل " أم " لما كانت للعطف أن تصير بين ما قبلها وما بعدها ملابسة " ما " كسائر حروف العطف فلذلك احتاجوا إلى " أم " واستغنوا عن الألف ولو لم يذكروا " أم " لم يتبين المعنى.
وكان أبو العباس المبرد يجيز دخول ألف الاستفهام على " هل " وعلى سائر أسماء الاستفهام كدخول " أم ". وأنشد:
سائل فوارس يربوع بشدتنا
… أهل رأونا بسفح القف ذي الأكم
ودخول الألف عليها غير معروف.
وغيره يرويه بأم: أم هل.
والقول ما ذكرناه عن سيبويه
هذا باب ما ينصرف وما لا ينصرف هذا باب «أفعل»قال سيبويه: اعلم أن أفعل إذا كان صفة لم ينصرف، نكرة ولا معرفة وذلك لأنها أشبهت الأفعال، نحو: اذهب واعلم.
قلت: فما باله لا ينصرف، إذا كان صفة؟
فقال- يعني الخليل- لأن الصفة أقرب إلى الأفعال، فاستثقلوا التنوين فيه كما استثقلوا في الأفعال، فأرادوا أن يكون في الاستثقال كالفعل، إذ كان مثله في البناء، والزيادة، وضارعه، وذلك نحو أحمر، وأسود، وأخضر.