وقال الأخفش وأبو العباس المبرد إذا سمينا به، ثم نكرناه انصرف.
وحقيقة ذلك أن ذلك وما جرى مجراه من قبل أن يسمى به غير مصروف لاجتماع علتين، وهما وزن الفعل، والصفة، فإذا سمينا به رجلا فقد زالت الصفة، وصار علما لذلك الرجل سواء أكان أبيض، أو أسود، وعلى أي لون كان.
فلا تصرفه، لاجتماع علتين: وزن الفعل، والتعريف. فإذا نكرناه وهو اسم زال عنه التعريف، وقد كان زالت عنه الصفة بالتسمية، ففيه علة واحدة وهي وزن الفعل، فلذلك قال الأخفش: إنه ينصرف وذلك قولك مررت بأحمر وأحمر آخر.
وأما سيبويه فإنه عنده وإن سمي به في حكم الصفة.
واحتج في ذلك بأنا إذا نكرناه فإنما يرجع إلى تنكير كان له وهو صفة، فكأنه يرجع إلى الحال الأولى التي كان لا ينصرف فيها. وذكر أن المازني سأل الأخفش فقال له:
لم صرفته؟ قال: لأنه صار اسما وزالت عنه الصفة فبقي فيه وزن الفعل فقط. فقال له المازني: ألست تقول: نسوة أربع فتخفض الأربع وتنونه وهو صفة على وزن الفعل؟
فقال: بلى. قال: فلم صرفته، وقد اجتمعت فيه علتان: وزن الفعل والصفة؟
قال: لأن أربعا اسم في الأصل ولا أحكم له حكم الصفة، وإن وصفت به. فقال له المازني: فاحكم للأحمر بحكم الصفة وإن سميت به لأن الأصل فيه صفة فلم يأت الأخفش بمقنع.
وأما " يزيد "، و " تغلب " و " يشكر " و " يعمر "، فإذا نكر انصرف لأنه في حال التنكير، فيه وزن الفعل فقط، ولم يكن له قبل التسمية حال لا ينصرف فيها، فيرد إليها.
وإنما كان فعلا فسمي به، فصار اسما معرفة والاسمية والتعريف وفعاله، فمنع الصرف لأجلهما فلما زال أحدهما انصرف.
قال: " وإذا سميت رجلا بإضرب، أو أقتل، أو إذهب لم تصرفه وقطعت ألف الوصل ".
وكذلك كل فعل فيه ألف وصل، فإذا سميت به قطعت الألف، فقلت مررت " بإضرب "، وقام " إضرب "، ورأيت " إضرب ".
وإنما منع الصرف لوزن الفعل، والتعريف، وقطع الألف؛ لأن موضع الأسماء والألقاب على لفظ لا تتغير حروفه، فإذا جعلنا ألفه وصلا فهي تسقط إذا كان قبلها