إنما حده واحدا واحدا فجاء محدودا عن وجهه فترك صرفه، قلت: أفتصرفه في النكرة؟ قال: لا، لأنه نكرة توصف به نكرة ".
قال أبو سعيد: اعلم أن أحاد وثناء قد عدل لفظه ومعناه، وذلك أنك إذا قلت:
مررت بواحد أو اثنين، أو ثلاثة فإنما تريد تلك العدة بعينها، لا أقل منها، ولا أكثر، فإذا قلت: جاءني قوم أحاد، أو ثناء، أو ثلاث، أو رباع، فإنما تريد أنهم جاءوني واحدا واحدا، أو اثنين اثنين أو ثلاثة ثلاثة، أو أربعة أربعة، والمانع
من الصرف فيه أربعة أقاويل:
منهم من قال: إنه صفة، ومعدول فاجتمعت علتان منعتاه الصرف، ومنهم من قال: إنه عدل في اللفظ والمعنى، فصار كأن فيه عدلين وهما علتان، فأما عدل اللفظ فمن " واحد " إلى " أحاد " ومن (اثنين) إلى " ثناء ".
وأما عدل المعنى فتغيير العدة المحصورة بلفظ الاثنين والثلاثة إلى أكثر من ذلك مما لا يحصى.
وقول ثالث: إنه عدل وإن عدله وقع من غير جهة العدل؛ لأن باب العدل أن يكون للمعارف وهذا للنكرات.
وقول رابع: إنه معدول وإنه جمع لأنه بالعدل قد صار أكثر من العدة الأولى، وفي ذلك لغتان " فعال " و " مفعل " كقولك: " أحاد وموحد " و " ثناء ومثنى " و " ثلاث ومثلث " و " رباع ومربع ".
وقد ذكر الزجاج أن القياس لا يمنع أن يبنى منه إلى العشرة على هذين البناءين فقال خماس ومخمس، وتساع، ومتسع وعشار، ومعشر. وبعض النحويين يقول إنها معرفة واستدل أصحابنا على تنكيره بقوله: عز وجل: أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ (1) فوصف أجنحة وهي نكرة بمثنى وثلاث ورباع.
وقال ساعدة بن جؤيّة:
وعاودني ديني فبتّ كأنّما
… خلال ضلوع الصّدر شرع ممدّد (2)