والأقيس عند سيبويه ترك الصرف؛ لأنه قد اجتمع فيه التأنيث والتعريف.
ونقصان الحركة ليس مما يغير الحكم وإنما صرفه من صرفه؛ لأن هذا الاسم قد بلغ نهاية الخفة في قلة الحروف والحركات، فقاومت خفتها أحد الثقلين.
وكان الزجاج يخالف من مضي، ولا يجيز الصرف فيها ويقول: قد أجمعوا على أنه يجوز فيها ترك الصرف.
وسيبويه يرى أن تركه أجود، فقد جوزوا منع الصرف واستجادوه، ثم ادعوا الصرف بحجة لا تثبت؛ لأن السكون لا يغير حكما أوجبه اجتماع علتين يمنعان الصرف.
والقول عندي ما قاله من مضي، ولا أعلم خلافا بين من مضي من الكوفيين والبصريين، وما أجمعوا على ذلك عندي إلا لشهرة ذلك في كلام العرب. والعلة فيه ذكرت.
وقد رأيناهم أسقطوا لقلة الحروف أحد الثقلين وذلك إجماعهم في " نوح "، و " لوط " أنهما مصروفان، وإن كانا أعجميين معرفتين لنقصان الحروف.
ومن حيث كان نقصان الحروف مسوغا الصرف، فيما فيه علتان سوغ ذلك أيضا بنقصان الحروف والحركة في المؤنث.
والثالث مما ذكرنا اشتمال الباب عليه أن يسمى المؤنث باسم مذكر، على ثلاثة أحرف وأوسطها ساكن، نحو: امرأة سميت بزيد، أو عمرو.
قال أبو سعيد: وقد اختلف في هذا من مضي فكان قول أبي إسحاق، وأبي عمرو، ويونس، والخليل وسيبويه أنه لا ينصرف ورأوه أثقل من " هند "، و " دعد ".
قال سيبويه: لأن المؤنث أشد ملاءمة للمؤنث، والأصل عندهم أن يسمى المؤنث بالمؤنث كما أن أصل تسمية المذكر بالمذكر.
قال أبو سعيد: كأن سيبويه جعل نقل المذكر إلى المؤنث لما كان خلاف الموضوع من كلام العرب والمعتاد من ألفاظهم ثقلا، تعادل به الخفة التي بها صرف هندا.
وكان عيسى بن عمر يرى صرف ذلك أولى.
وإليه يذهب أبو العباس المبرد؛ لأن " زيدا " وأشباهه إذا سمينا به المؤنث فأثقل أحواله أن يصير مؤنثا، فيثقل بالتأنيث.