قال سيبويه: " وسألت الخليل عن رجل سمي ب (أن) مفتوحة فقال: لا أكسر؛ لأن (أنّ) غير (إنّ) ".
وإنما ذكر هذا؛ لأن (أن) في الكلام لا تقع مبتدأة قبل التسمية، وإنما تقع المكسورة مبتدأة، فذكر ذلك لئلا يظن الظان أنها إذا سمي بها رجل كسرت مبتدأة.
وإنما سبيل (أن) سبيل اسم، وسبيل (إن) سبيل فعل.
فإذا سمينا بواحد منهما رجلا لم يقع الآخر موقعه بعد التسمية، كما أنّا نقول: هذا ضارب زيدا، وهذا يضرب زيدا، ومعناهما واحد، وأحد اللفظين ينوب عن الآخر في الكلام، وإذا سمينا رجلا ب (يضرب) لم يقع موقعه (ضارب) وبعض العرب يهمز في مثل (لو)، فيجعل الزيادة المحتاج إلى اجتلابها همزة، فيقول: (لوء).
وما جرى مجرى هذه الحروف من الأسماء غير المتمكنة فحكمه حكم الحروف نحو: (هو) و (هي).
إذا سمينا بواحد منهما أو أخبرنا عن اللفظ، فجعلناه اسما في الإخبار، فتقول: (هو)، وتقول: (هي).
وإن سمينا مؤنثا ب (هي) فمنزلتها منزلة (هند)، إن شئنا صرفنا وإن شئنا لم نصرف؛ لأنها مؤنث، سميت بها مؤنثة.
وإن سمينا مؤنثا ب (هو) لم نصرف على قول من لا يصرف امرأة سميت ب (زيد) لأنه مذكر سميت به مؤنثة.
وكان سيبويه يذهب في الحروف التي ذكرنا ك (لو) و (في) و (ليت) وما أشبه ذلك، وفي حروف المعجم أنها تؤنث وتذكر، ولم يجعل أحد الأمرين أولى من الآخر.
وكان أبو العباس المبرد (فيما ذكر أبو بكر مبرمان عنه) يذهب إلى أن (ليت) وما جرى مجراها من الحروف مذكرات، وأن قوله: (وليت يقولها المحزون)، إنما أنّث على تأويل الكلمة والقول: هو الأول.
ولو سميت رجلا " ذو " فإن سيبويه يذهب إلى أن يقال: هذا ذوا، ورأيت ذوا، و (مررت بذوا) بمنزلة عصا، ورحى، ويذكر أن أصله " فعل " في البنية، ويستدل على ذلك بقولهم: هاتان ذواتا مال، كما يقال أبوان وأب فعل.
وكان الخليل يقول: هذا ذوّ، فيجعله " فعل " بتسكين العين، وكان الزجاج يذهب