ولو سميت رجلا ب (قطّ زيد) المبني لأعربته فقلت: قط زيد كما تعربه إذا أفردت، ألا ترى أنك لو سميت رجلا (وزن سبعة) لقلت: هذا وزن سبعة ومررت بوزن سبعة ويكون " سبعة " معرفة ولا ينصرف وتجعل سبعة بمنزلة طلحة. وقد حكاه الزجاج وأن سيبوية قال:
إذا سميت رجلا " من زيد " " وعن زيد " لم تحكه.
قال أبو سعيد: والذي حكاه الزجاج عن سيبويه تأوّل تأوله عليه وليس بمذهبه؛ لأن سيبويه قال في آخر هذا الباب: " فإن سميت رجلا " عمّ " من: " عمّ يتساءلون " فإن أردت أن تحكي في الاستفهام تركته على حاله كما تدع أزيد؟
وأزيد إذا أردت النداء. وإن أردت أن تجعله اسما تقول: " عن ما "، لأنك جعلته اسما وتمد " ماء " كما تركت تنوين سبعة، لأنك تريد أن تجعله اسما مفردا أضيف إليه. هذا بمنزلة قولك:
هذا " وعن " ها هنا مثلها مفرد؛ لأن المضاف في هذا بمنزلة الألف واللام لا نجعل الاسم حكاية كما أن الألف واللام لا يجعلان الاسم حكاية، وإنما هو داخل في الاسم بدل من التنوين فكأنه الألف واللام.
وقال في موضع آخر في حشو الباب: وسمعت من العرب: لا من أين يا فتى، حكى ولم يجعلها اسما واحدا.
هذا لفظ سيبويه، وإنما تأولوا قوله حين قال: وسألت الخليل عن رجل يسمى من زيد فقال أقول: من زيد وعن زيد وقال هو بعد ذلك: لأني رأيت المضاف لا يكون حكاية كما لا يكون المفرد حكاية. وإنما أراد سيبويه عندي أن ضم " من " إلى " زيد " لم يوجب له الحكاية لا محالة؛ لأن الحروف التي يضم بعضها إلى بعض والأسماء التي يضم إليها الحروف غير حروف الجر؛ لأنها تجري مجرى الاسم المضاف، والمضاف والمفرد بمنزلة شيء واحد، فأراد أنه لا تلزم فيه الحكاية ولا يجري مجرى الحرفين المركبين الحرف والاسم على غير هذا الوجه.
وإن سميت رجلا " في زيد " لا تريد به الفم قلت: هذا في زيد ولا تشبه هذا فاعبد الله في قولك رأيت فاعبد الله. لأن هذا لازم له الإضافة، وإنما احتمل ذلك فيه من أجل الإضافة ولو أفرد لقيل " فم ". وصار حرف الإعراب فيه غير متحرك. (وحرف الإعراب يعنى به الألف في " فا " والياء في " في " والواو في " فو " ولا يكسر.