يدل عليه.
فهذه الأشياء المانعة للصرف مشبهة بثقل الأفعال، والأسماء الممنوعة الصرف مشبهة بالأفعال؛ لاشتراكهما في النقل، وليست الواحدة من هذه العلل تبلغ الاسم إذا دخلته مبلغ الفعل في الثقل، فلا تؤثر تأثيرا إذا انفردت في الاسم؛ لأن للاسم خفة قوية بالاسمية، فلا يزيلها إلا علتان فصاعدا.
فإن قال قائل: إذا قلتم إن الأسماء التي لا تنصرف مشبهة بالأفعال، فلذلك أزلتم عنها الجر والتنوين، فهلا أسكنتموها لمشابهة الفعل؛ لأن الفعل لا يدخله الجر والتنوين، ويدخله السكون!؟
ففي ذلك جوابان: أحدهما أن ما شبه بالشيء لا يجب أن يساوى به في جميع أحواله المشبهة، فلما أشبهت هذه الأسماء الأفعال بما شملها من الثقل، سوى بينهما في اللفظ الذي لا يكون إجحافا بالاسم، فمنع التنوين والجر فقط، وجعل مكان الجر الفتح، فحصل الحذف على شيء واحد، وهو التنوين؛ لأن الجر قد جعل مكانه الفتح ولو سكنا الاسم لأجحفنا بحذف التنوين والحركة منه، وتسكين الفعل في حال الجزم لا يكون إجحافا به، وذلك أنه غير منون في الأصل، فلم يذهب منه إلا شيء واحد.
والجواب الثاني: أن الاسم كان محركا بحركات ثلاث يتبع كل واحدة منهن تنوين، فلو سكنا الاسم الذي لا ينصرف في حال، وحركناه في حال، كان التسكين لا يخلو أن يكون في حال رفع أو جر أو نصب، وتكون الحركة في غيرها، ولو فعلنا هذا لكنا قد خالفنا بين أشياء كانت منتظمة على حال واحدة؛ لأن هذه الحركات الثلاث قد كانت مقترنة بالتنوين، فإذا دخلت عليها علة فغير جائز أن تزيل التنوين عن بعضها فقد، وتزيل الحركة والتنوين عن البعض الآخر.
قال أبو سعيد: فإن قال قائل: ما أنكرتم أن يكون الذي أزاله ثقل الاسم الذي لا ينصرف هو التنوين فقط، وفتح الاسم في حال الجر؛ لئلا يشبه المضاف إلى المتكلم؟
فإن الجواب في ذلك أن يقال: الذي أزال التنوين هو الثقل الذي دخل عليه حتى أحله محل ما ليس فيه تنوين، فإذا أزلنا عنه التنوين لحلوله محل ما ليس فيه تنوين أزلنا عنه الكسر، لحلوله محل ما ليس فيه كسر؛ لأن طريقهما واحد، وليس لمدع أن يدعي خلاف ما ظهر إلا ببرهان، وقد ظهر الثقل وظهر التغيير؛ فقلنا: التغيير الظاهر للثقل الظاهر.