ثم قال: " ألا ترى أن هذا يقبح هاهنا، كما أن الفعل المضارع، لا يتكلم به إلا ومعه الاسم؛ لأن الاسم قبل الصفة، كما أنه قبل الفعل ".
يعني: أن النعت لا يحسن إلا بذكر المنعوت، كما أن الفعل المضارع لا يستغني عنه الاسم. وإنما خص المضارع. وإن كان الماضي قد شاركه في هذا المعنى؛ لأن التشبيه الذي ذكره وقع بين المضارع وبين الاسم. وقد مر هذا المعنى.
ثم قال: " ومع هذا أنك ترى الصفة تجري في معنى يفعل ".
يعني: أنك تقول: " هذا ضارب زيدا " و " هذا يضرب زيدا " و " مررت برجل ضارب زيدا " و " يضرب زيدا ".
ثم قالي: " فإن كان اسما كان أخف، نحو أكلب وأفكل، ينصرفان في النكرة ".
يعني: فإن كان الذي وزنه وزن الفعل من الأسماء وليس بنعت، نصرف في النكرة، وذلك أنه ليس فيه إلا علة واحدة، وهي وزن الفعل.
فإن قيل: فأكلب هي جمع على وزن أقتل، فينبغي أن تمنعه من الصرف بهاتين العلتين.
فالجواب: أن الجمع إذا كان يجمع، أو يتأتى فيه الجمع، كان محله محل الواحد، ولم يعتد به ثقلا. وسنبين ذلك إن شاء الله في باب ما لا ينصرف. " فأكلب " قد يقال فيه:
(أكالب)، لو كسرت، فلم يعتد بجمعها وانصرفت في النكرة.
ثم قال: " ومضارعة أفعل الذي يكون صفة للاسم أنه يكون وهو اسم صفة ".
يعني: أن " أحمر " وبابه يكون صفة على هذا المثال، وهو اسم، كما يكون الفعل صفة في قولك: " مررت برجل يضرب زيدا ". فشاركه في حال اسمية الفعل، في كونها صفة وانضم إلى ذلك وزن الفعل فامتنع من الصرف.
ثم قال: " وأما يشكر، فإنه لا يكون صفة وهو اسم، إنما يكون صفة وهو فعل ".
يعني أن " يشكر " و " يزيد " و " تغلب " و " أحمد " و " يعمر " والأسماء الأعلام التي على مثال الفعل لا تنصرف لوزن الفعل والتعريف، فمتى نكّرت انصرفت، كقولك: " مررت بيشكر ويشكر آخر "، و " ما كلّ يزيد أبا خالد "؛ لأن هذه الأسماء متى نكرت زال التعريف عنها، وحصل لها من الثقل وزن الفعل فقط، فانصرفت، وقد كانت هذه الأسماء ينعت بها في حال ما كانت أفعالا، كقولك: " مررت برجل يشكر زيدا "، و " هذا رجل يزيد في