فأما الوجوه الثلاثة الأول فالباب في تثنيتها الهمزة كقولك: قرّاءان، ووضّاءان، ورداءان وكساءان وعلباءان، وحرباءان.
وتجوز فيها الواو، وإنما كان الهمز الوجه؛ لأنه الظاهر في الكلام وهي أكثر في كلام العرب في نحو: قراءان، وكساءان.
وأما من جعلها بالواو فلاستثقالهم الهمزة بين ألفين؛ لأن الهمزة من مخرج الألف، فتصير كأنها ثلاث ألفات وبعض هذه الثلاثة أولى في القلب من بعض، فأضعفها في قلب الهمزة واوا ما كانت الهمزة فيه أصلية، كقراء، ورضاء، وبعده ما كانت الهمزة فيه منقلبة من حرف أصلى كرداء، وكساء لمشاركته الأول في أن الهمزة غير زائدة، ولا منقلبة، من زائدة، وأما علباء فإن قلب الهمزة فيه إلى الواو أكثر وأحسن؛ لأن الهمزة فيه منقلبة من حرف زائد فأشبهت ألف التأنيث في حمراء وعشراء.
والذي عند أصحابنا في تثنية الممدود المؤنث قلبها واوا. وما حكوا غير ذلك، كقولهم: حمراوان وعثراوان. وذكر أبو العباس المبرد أنه إنما قلبوها واوا؛ لأن الهمزة لما ثقل وقوعها بين ألفين في كلمة ثقيلة بالتأنيث، وأرادوا قلبها كان الواو أولى بها من الياء؛ لأن الهمزة في الواحد منقلبة من ألف تأنيث، وليست الهمزة من علامات التأنيث، وهي بمنزلة الألف في غضبى وسكرى، والألف في غضبى ليس قبلها ساكن، فلم يحتج إلى تغييرها، فإذا قالوا: حمراء أتوا فيها بألف للمد لا للتأنيث وجعلوا بعدها ألف التأنيث ولا يمكن اللفظ بألفين، ولا يجوز إسقاط إحداهما، فقلبوا الألف الثانية إلى الهمزة؛ لأنها من جنسها فصارت الهمزة في الواحدة وهي ليست من علامات التأنيث، حرفا ليس
من علامة التأنيث وهو الواو، ولو جعلوها ياء لكانت الياء من علامات التأنيث لأنهم يقولون:
أنت تذهبين، وتقومين، والياء علم التأنيث فتركوا الياء للواو في التثنية حتى تشاكل الواحد في الحرف الذي ليس من علم التأنيث.
وقال بعضهم: إنما جعلوه واوا، دون الياء؛ لأنه لما كره وقوع الهمزة بين ألفين، وكانت الياء أقرب إلى الألف، كرهوا أيضا الياء لشبهها بالألف، فاختاروا الواو البعيدة منها.
وقال بعضهم: اختاروا الواو؛ لأنها أبين في الصوت من الياء، فهذا مذهب أصحابنا.
وقد حكى الكسائي أن من العرب من يقول: ردايان، وكسايان فيجتمع فيه على قوله