وسائر ما كان على (أفعال) من الجمع، وأما (فعيلان) و (فعيلاء) و (فعيلى)، وما كان في آخره هاء التأنيث، فصدور هذه الأشياء من الثلاثة التي ذكرها، وإنما النقص في (أفيعال)، فإن قيل لم وجب ضم أول المصغر؟
قيل له: لأنّا إذا صغرنا فلا بد من تغيير المكبر عن لفظه بعلامة تلزم، للدلالة على التصغير وأن الضم أولى بذلك؛ لأنهم قد جعلوا الفتحة للجمع في قولهم: (مساجد)، و (ضوارب) و (قناديل) وما أشبه ذلك، فلم يبق إلا الكسر والضم، واختاروا الضم؛ لأن الياء علامة التصغير، ويقع بعد الياء حرف مكسور، فيما زاد على ثلاثة أحرف كقولهم:
(عقيرب) و (عتيّق)، فلو كسروا أوله لاجتمعت كسرتان وياء فعدلوا عنها لثقل ذلك إلى ما يقاوم الياء والكسرة مما يخالفهما.
وقال بعض النحويين: لما كان المكبر على أبنية هي في الأصل غير محتاجة إلى إحداث علامة تدل على التكبير؛ لأن العلامات يجلبها تغيير الكلام عن أصوله.
وكان التصغير حادثا في المصغر لما بيّناه من نيابة عن الصفة احتيج له إلى علامة فشبه ذلك بما لم يسم فاعله من الفعل؛ لأن الذي يسمى فاعله على الأصل وهو على أبنية مختلفة كقولك: (ضرب) و (علم) و (ظرف)، فإذا جعل لما لم يسم فاعله، ألزموه بناء واحدا وألزموا الضمة أوله فقالوا: (ضرب) و (علم) و (ظرف) في هذا المكان فالمكبر كالفعل الذي سمي فاعله، والمصغر كالفعل الذي لم يسم فاعله. وقال بعض النحويين:
الضم يجعل علامة لشيئين كقولك: (نحن)؛ لأنه اسم المتكلم وغيره فضم من أجل ذلك، وما لم يسم فاعله يدل على فاعل محذوف ومفعول مذكور، والتصغير يدل على الاسم المكبر، وعلى صفة له محذوفة؛ لأنا إذا قلنا: " كليب "، كأنا قلنا: (كلب صغير).
واعلم أن التصغير في ما جاوز ثلاثة أحرف كالجمع إلا أن علامة التصغير تلزم طريقة واحدة والجمع له مذاهب وضروب، فإذا جمع الشيء وهو على أربعة أحرف فبقيت حروفه في الجمع فهو بمنزلة التصغير إلا أن علامة الجمع فتح أوله وألف ثالثة تقع موقع ياء التصغير، تقول في درهم: (دريهم) وفي مغتسل: (مغيسل)، كما تقول في الجمع (دراهم) و (مغاسل)، وتقول في مصباح (مصيبيح) كما تقول في الجمع: (مصابيح) و (صنيديق) ك (صناديق) لا خلاف بينهما إلا فيما ذكرت ذلك من الفتح والضم والألف والياء.