أشدّ تمكنا ".
وقد مر الكلام في تفسير ذلك، والاحتجاج له.
ثم قال: " وإنما يخرج التأنيث من التذكير ". يعني أن كلّ شيء مؤنث فله اسم مذكر، وفي الأشياء ما لا يسمى باسم مؤنث، والتأنيث يخرج من التذكير؛ لأن المؤنث نفسها هي مذكّر بغير اللفظ الذي أنثتها به.
وقوله: " يخرج من التذكير " كقولك: يتفرّع من التذكير، ومثله في الكلام كثير، كقولك: الإنسان يخرج من النّطفة، والكبير يخرج من الصغير، وقد خرج من زيد شجاع، أي تفرّع ونشأ.
ثم قال: " ألا ترى أن الشيء يقع على كل ما أخبر عنه ". وهو الذي ذكرناه؛ إذ كان هذا اللفظ واقعا على كل مذكر ومؤنث بلفظ واحد.
ثم قال: " والتنوين علامة للأمكن عندهم والأخف عليهم ". يعني أن التنوين علامة لما ينصرف من الأسماء؛ لأن المتمكن يقع على ما ينصرف وعلى ما لا ينصرف، وما ينصرف أمكن مما لا ينصرف، فسمى المنصرف الأمكن، إذ كان غاية في استيفاء الحركات والتنوين.
ثم قال: " وتركه علامة لما يستثقلون "، يعني ترك التنوين علامة لما منع من الصرف.
قال سيبويه: " وجميع ما لا ينصرف، إذا أدخلت عليه الألف واللام أو أضيف، انجرّ؛ لأنها أسماء أدخل عليها ما يدخل على المنصرف، وأدخل فيها المجرور، كما يدخل في المنصرف، ولا يكون ذلك في الأفعال، فأمنوا التنوين ".
قال أبو سعيد: إن سأل سائل فقال: إذا كان الاسم الذي لا ينصرف، متى دخل عليه الألف واللام أو أضيف، انصرف؛ لأنه بالإضافة والألف واللام يخرج عن شبه الفعل، فينبغي أن تكون حروف الجرّ متى دخلت على اسم لا ينصرف، انصرف بدخولها، كقولك: " مررت بأحمر " وما أشبه ذلك، ففي ذلك أربعة أجوبة:
الأول منها: أن يقال إنّ الإضافة والألف واللام، متى دخلت واحدة منهما على الاسم غير المنصرف، أخرجته عن شبه الفعل، ثم تدخل عليه بعد ذلك العوامل، وقد خرج عن شبه الفعل، فيعمل فيه ما يعمل في الأسماء المنصرفة؛ لأنها صادفت شيئا لا شبه