قال الشاعر:
إنّا وجدنا عرس الحنّاط
… لئيمة مذمومة الحوّاط (1)
والمذهب فيهن كالمذهب فيما ذكرنا من المصدر، فإن قال قائل: أنت إذا سميت امرأة ب (حجر) أو (جبل) أو (جمل) أو ما أشبه ذلك من المذكر ثم صغرته أدخلت الهاء فقلت: (حجيرة) و (جبيلة) فهلا فعلت ذلك بالنعوت؟
قيل له: الأسماء لا يراد بها حقائق الأشياء فيما يسمى بها، والصفات والأخبار يراد بها حقائق الأشياء، والتشبيه بحقائق الأشياء، ألا ترى أنا إذا سمينا امرأة ب (حجر) أو رجلا سميناه ب (حجر)، فليس الغرض أن نجعله (حجرا)، وإنما أردنا إبانته كما سميناه ب (إبراهيم)، و (إسماعيل)، و (نوح) وما أشبه ذلك.
وإذا وصفناه به أو أخبرنا به عنه، فإنما نريد الشيء بعينه، أو نريد التشبيه، فصار كأن المذكر لم يزل. ألا ترى أنّا إذا قلنا: مررت بامرأة (عدل) ففيها عدالة فإذا قلنا للمرأة: ما أنت إلّا (رجل) فإنما نريد مثل (رجل) وكذلك نقول: أنت (حجر) إذا لم يكن اسما لها تريد مثل حجر في الصلابة والشدة.
وإن سميت رجلا باسم مؤنث على ثلاثة أحرف وليس في آخره هاء التأنيث، ثم صغرته لم تلحق الهاء كرجل سميته ب (أذن) أو (عين) أو (رجل) ثم صغرته تقول: (أذين) و (عيين) و (رجيل) هذا قول سيبويه وعامة النحويين البصريين. ويونس يدخل الهاء ويحتج ب (أذينة) اسم رجل، وهذا عند النحويين إنما سمي بالمصغر وكذلك (عيينة) كأنهم سموه باسم مصغر ولم يسموه باسم مكبر ثم يصغر.
ولو سميت امرأة باسم ثلاثي مما ذكرنا أنه لا يدخل في تصغير الهاء ك (حرب) و (ناب) ثم صغرته لأدخلت فيه الهاء فقلت: (حريبة) و (نبيبة) لأنه قد صار اسما لها ك (حجر) إذا صغرته قلت: (حجيرة).
وقد جاء من المؤنث ما هو على أكثر من ثلاثة أحرف، وقد ألحقت الهاء به في التصغير كقولك: (زيد قديديمة عمرو ووريّئة) وهو تصغير (قدّام) و (وراء).
وإنما لحقتها الهاء وهي أكثر من ثلاثة أحرف لأن قدّاما و (وراء) لا يخبر عنهما بفعل يتبين تأنيثهما فيه لأنهما
ظرفان ك (خلف).