هذا باب حروف الإضافة إلى المحلوف به وسقوطها للقسمقال سيبويه: والمقسم به أدوات في حروف الجر فأكثرها الواو ثم الباء ثم التاء وتدخل فيه اللام ومن. وأنا أرتب ذلك إن شاء الله تعالى.
قال أبو سعيد: اعلم أن القسم هو يمين يحلف بها الحالف ليؤكد به شيئا يخبر عنه من إيجاب أو جحد وهو جملة يؤكد بها جملة أخرى. فالجملة المؤكدة هي المقسم عليه والجملة المؤكدة هي القسم والاسم الذي يدخل عليه حرف القسم هو المقسم به، مثل ذلك (أحلف بالله) إنّ زيدا قائم، فقولك: (إن زيدا قائم) هي الجملة المقسم عليها، وقولك: (أحلف بالله) هو القسم الذي وكدت به " إن زيدا قائم " والمقسم به هو (اسم الله عز وجل) وكذلك كل شيء ذكر في قسم لتعظيم المقسم به، فهو المقسم به.
وأصل هذه الحروف الباء، والباء صلة للفعل المقدر، وذلك الفعل (أحلف) و (أقسم)، أو ما جرى مجرى ذلك، فإذا قال: (بالله لأضربن)، فكأنه قال: (أحلف بالله) وجعلوا الواو بدلا من الباء، وخصوا بها القسم لأنها من مخرج الباء،
واستعملوا الواو أكثر من استعمالهم الباء؛ لأن الباء تدخل في صلة الأفعال في القسم وغيرها، فاختاروا الواو في الاستعمال؛ لانفرادها بالقسم.
وقد تدخل الباء في ثلاثة مواضع من القسم، لا تدخلها الواو ولا غيرها.
أحدها أن تضمر المقسم به، كقولك إذا أضمرت اسم الله: (بك لأجتهدن يا رب) وإذا ذكروا اسم الله فأردت أن تكني عنه قلت: (به لألزمن المسجد) كما تقول: (بالله لألزمن المسجد).
والموضع الثاني أن تحلف على إنسان كقولك له إذا حلفت عليه: (بالله إلا زرتني)، و (بالله لما زرتني)، ولا تدخل الواو هاهنا.
والموضع الثالث: أن يظهر فعل القسم كقولك: (أحلف بالله)، ولا تقول: (أحلف والله)، وأما التاء فإنها بدل من الواو كما أبدلت منها في (أتعد)، و (اتزن) وأصله (وعد) و (وزن) ولم تدخل إلا على اسم الله تعالى وحده؛ لأن قولك الله هو الاسم في الأصل والباقي من أسمائه صفات، والتاء أضعف هذه الحروف؛ لأنها بدل من الواو والواو بدل من الباء فبعدت فلم تدخل إلا على اسم الله وحده. وفي التاء معنى التعجب وكذلك اللام تدخل في القسم للتعجب كقول أمية بن أبي عائد: