ولو قلت: (والله لآتينك، ثم الله لأضربنك) كنت بالخيار في الثاني إن شئت قطعت ونصبت لأن الأول قد تم بجوابه، وإن شئت عطفت ما بعد ثم على الأول فخفضته، وجئت له بجواب آخر، وإن شئت نصبته على أنه قسم آخر مستأنف، ويكون عطف جملة على جملة.
وشبه سيبويه هذا إذا قطعه من الأول بقولك: (مررت بزيد وعمرو خارج) وإذا لم تقطع وجب أن يقال: (والله لآتينك ثم والله لأضربنك) كقولك: (مررت بزيد ثم بعمرو).
وإن أخرت القسم عن حرف العطف كان نصبا لا غير كقولك: (والله لآتينك ثم لأضربنك الله.).
ولا يجوز فيه الخفض لأن حرف العطف قد ناب عن الخافض، وكان الخافض معه ولا يجوز الفصل بين الخافض والمخفوض، وشبهه بقولك: " مررت بزيد أول من أمس " و " أمس عمرو " وهذا قبيح خبيث للفصل بين الخافض والمخفوض. ولو قال قائل:
(وحقك وحق زيد) على وجه النسيان والغلط جاز وتكون الواو الثانية واو القسم، وإن قال: (وحقك حق زيد) على الغلط كانت الواو هي واو القسم. وألغى حقك الذي بعد الواو وكأنه لم يلفظ به، ولو قال: (وحقك وحقك) على التوكيد جاز وكانت الواو واو الجر.
هذا باب ما عمل بعضه في بعض وفيه معنى القسمقال أبو سعيد: قد تقدم من كلامي أن القسم إنما هو جملة من ابتداء وخبر أو فعل وفاعل تؤكد بها جملة أخرى فمن الابتداء والخبر قولهم: (لعمر الله) (وأيم الله) (وأيمن الله) (وأيمن الكعبة)، كأنه قال: (لعمر الله) المقسم به، فعمرو مبتدأ والمقسم به المقدر خبره، ولأفعلن هو جوابه، وهو المقسم عليه، ومن ذلك قولهم: (على عهد الله)، فعهد الله مبتدأ وعلى خبره.
وألف (أيم) و (أيمن) - فيما حكاه سيبويه عن يونس- ألف موصولة وحكاها يونس عن العرب.
وأنشد:
وقال فريق القوم لما نشدتهم
… نعم وفريق ليمن الله ما ندري (1)