أو تحذف " في قولك: " اضرباني " لأنهم قد خففوا من مثل: " تبشّروني " و " فليني " على ما تقدم القول فيه، وليسوا بمضطرين إليه كما اضطروا إلى علامة الرفع وضمير المؤنث في قوله: " أتحاجّوني " وفي قولك: (هل تضربيني) و (فليني) وما أشبه ذلك.
وما قاله سيبويه أنه لو جاز أن تقول: (اضربا نعمان) من أجل الإدغام لجاز أن تقول: (اضربا نباكما) " وأنت تريد (أضربان أباكما).
وإذا ألقيت حركة الهمزة من " الأب " على النون؛ لأن النون تتحرك ويقع المتحرك بعد الألف وسيبويه يبطل هذا أيضا، لأن ذا التحريك ليس بلازم كما أن الإدغام ليس بلازم.
فلا يجوز إدخال النون الخفيفة على الاثنين بوجه ولا سبب.
ويذهب سيبويه إلى أن النون الخفيفة، ليست بمخففة عن الثقيلة، وكل واحدة منهما أصل في نفسها، لأنها لو كانت مخففة من الثقيلة لكانت بمنزلة نون لكن وأن المخففتين من (لكنّ) و (أنّ) وليست كذلك، لأن حكمها في الوقف يخالف حكم النون تقول:
(اضربن زيدا) وإذا وقفت قلت: (اضربا) ونون (أن ولكن) لا تتغير في الوقف وأيضا فإن النون الخفيفة في الفعل إذا لقيها ألف وصل سقطت، ونون (لكن وأن) لا تسقط فعلم إنها غير مخففة من الثقيلة.
قال الخليل: إذا أردت النون الخفيفة في فعل الاثنين كان بمنزلته إذا لم ترد الخفيفة فقال قائل: وكيف يجوز أن تريد الخفيفة وأنت لا تجيز دخولها بوجه على فعل الاثنين؟
فإن الجواب في ذلك على ما ذكره بعض أصحابنا أن رجلا لا يكون من عادته إدخال النون في فعل الواحد والجماعة بضرب مما ينويه من التوكيد إذا أمر، فإذا عرف له فعل الاثنين فأراد ذلك التوكيد لم يتجاوز لفظ الاثنين بلا توكيد، وإن أراد التوكيد الذي جرت عادته به، وما قد عرف منه يغني عن إظهار ذلك في هذا الفعل، إن كان لا يجوز إدخاله فيه.
ثم اجتمع سيبويه في إبطال ذلك وإبطال (اضربا نّعمان) بأنه لو جاز (اضربا نعّمان) لما وقع التشديد بعد الألف فيما لم يكن يجوز في غير نعمان لجاز أن تقول: (جيئوني) و (جيئون نعمان) إذا أردت النون الخفيفة، وذلك أنا ندخل النون الخفيفة على (جيئوا) فتقول: " جيئون يا قوم " فتحذف الواو التي كانت في (جيئوا) لاجتماع الساكنين الواو والنون فإذا وصلنا به نون المتكلم ونون نعمان اندغمت فيه النون الخفيفة ولا ترد الواو وإن كان بعدها
نون مشددة، لأنها قد سقطت لاجتماع الساكنين والتشديد غير لازم.