في تخفيف (لؤم) فإذا كانت مكسورة جعلناها بين الياء وبين الهمزة وذلك قولنا في تخفيف (قائل)، (قايل) فهذا أحد الوجهين فيها إذا كانت متحركة وقبلها ساكن.
والوجه الآخر أن يكون الساكن الذي قبلها من غير حروف المد واللين فإذا كان كذلك فحكمها والحد فيها أن تلقى حركتها على ما قبلها وتحذف كقولنا في (مسألة) (مسلة) وفي (مرأة) (مرة) وفي (مرآة) (مراة). وفي قولك: (من أبوك؟): " من أبوك؟ " و (من أمك؟): (من أمّك) وفي: (من إبل) (من أبل).
وإن كانت متحركة وقبلها متحرك فانك تجعلها بين بين في كل حال إلا حالين وهما أن تكون مفتوحة وقلبها كسرة أو ضمة، فإن كانت ضمة قلبتها واوا محضة.
وإن كانت كسرة قلبتها ياء محضة، فأما حالها بين بين فنحو: (سال) و (لوم) و (سيل) و (ديل) و (شوون) و (رووس) ومن ذلك " يستهزيون " فالهمزة في هذا أجمع إذا خففته عند سيبويه جعلته بين بين على ما عرفتك.
وأما إذا كان قبلها كسرة وهي مفتوحة فنحو قولك: (مئر) جمع (مئرة)، وهي التضريب بين القوم والفساد، يقال (مأرت) و (مأست) بينهم: إذا ضربت بينهم، فتخفيف هذا أن تقول: (مير) وتخفيف (جؤن) جمع جؤنة (جون).
فإن قال قائل: لم قلبتها في هذه المواضع ياء محضة، واوا محضة وجعلتها بين بين فيما قبل؟
فالجواب في ذلك أن يقال إن همزة بين بين إنما هي الهمزة في الحرف الذي منه حركتها فإذا كانت مفتوحة وقبلها ضمة أو كسرة لم يستقم أن تجعلها بين بين وتنحو بها نحو الألف، لأنها مفتوحة والألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحا فقلبناها واوا محضة.
وقد كان الأخفش يقلبها أيضا ياء، إذا كان قبلها كسرة، وهي مضمومة ولا يجعلها بين بين وذلك نحو (يستهزئون) إذا خففها قال: " يستهزيون " واحتج بأن همزة بين بين تشبه الساكن للتخفيف الذي لحقها.
قال: وليس في الكلام كسرة بعدها واو ساكنة فلذلك جعلها ياء محضة، لأنه لو جعلها بين بين لكان قد نحا بها نحو الواو الساكنة وقبلها كسرة.
والهمزة إذا كانت أولا فهي لا تجعل بين بين وذلك أن الابتداء لا يقع إلا بمتحرك، وإذا جعلت بين بين قربت من الساكن وإن كانت متحركة في التحصيل، ولا يبتدأ إلا بما قد تمكنت فيه حركته وقد قال أهل الكوفة لهذه العلة بعينها إنها ساكنة واحتج سيبويه على إنها متحركة وإن كانت قد خففت وأخفى حركتها ضربا من الإخفاء بحجة لا يستطاع