وكأن حجة الكوفيين فيما يتوجه فيه أن (ثلاثة عشر) لا يمكن أن يبنى من لفظها " فاعل " وإنما يبنى من لفظ أحدهما وهو الثلاثة.
فذكر العشر مع ثالث لا وجه له.
قال أبو سعيد: وقد قدمت احتجاج سيبويه لذلك مع حكايته (إياه) عن بعضهم ويجوز أن يقال: إنه لما لم يمكن (أن) يبنى منهما فاعل وبني من أحدهما احتيج إلى ذكر الآخر لينفصل ما هو أحد ثلاثة مما هو أحد ثلاثة عشر فأتى باللفظ كله.
قال أبو سعيد: والضرب الثاني من الضربين أن يكون التمام يجري مجرى اسم الفاعل الذي يعمل فيما بعده ويكون لفظ التمام من عدد هو أكثر من المتمم بواحد كقولك:
(ثالث اثنين ") و (رابع ثلاثة) و (عاشر تسعة) ويجوز أن ينون الأول فيقال (رابع ثلاثة) و (عاشر تسعة) لأنه مأخوذ من الفعل تقول: (كانوا ثلاثة) فربعتهم وتسعة فعشرتهم فأنا عاشرهم كقولك: (ضربت زيدا) فأنا (ضارب زيدا) و (ضارب زيد).
قال الله عز وجل: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ (1) وقال سيبويه: فيما زاد على العشر في هذا الباب " هذا رابع ثلاثة عشر " كما قلت (خامس أربعة).
ولم يحكه عن العرب والقياس عند النحويين أنه لا يجوز ذلك وقد ذكره أبو العباس محمد بن يزيد عن نفسه وعن الأخفش والمازني أنهم لم يجيزوه؛ لأن هذا الباب يجري مجرى الفاعل المأخوذ من الفعل. ونحن لا نقول ربعت ثلاثة عشر ولا أعلم أحدا حكاه.
وإن صح أن العرب قالته فقياسه ما قاله سيبويه. وأما قولهم (حادي عشر) وليس (حادي) من لفظ واحد والباب أن يكون اسم الفاعل الذي هو تمام من لفظ ما هو تمامه ففيه قولان؛ أحدهما: أن (حادي) مقلوب من (واحد) استثقالا للواو في أول اللفظ فلما قلب صار (حادو) فوقعت الواو طرفا وقبلها كسرة فقلبوها ياء كما قالوا (غازي) وهو من (غزوت).
وأصله " غازو "، وذكر الكسائي أنه سمع من الأسد أو بعض عبد القيس (واحد عشر يا هذا).
وقال بعض النحويين وهو الفراء: (حادى عشر) من قولك: (يحدو) أي يسوق