على ما هو بمنزلة أفعل ". يعني أنهم لما قالوا: (عناق) و (أعنق) وأجروه مجرى (فلس) و (أفلس) جمعوه في الكثير على (فعول) فقالوا (عنوق) كما قالوا (فلوس)، وهذا معنى قوله بنوه على ما هو بمنزلة (أفعل) لأن فعولا في الكثير كأفعل في القليل، وذكر أبو حاتم السجستاني أنه يقال: (عناق) و (عنوق) و (عنق) وقد أنشد أبو زيد (1):
أنشد من أم عنوق حمحم (2)
ويقال أيضا في التخفيف (عنق) وفي بعض الأمثال " العنوق بعد النّوق " يضرب مثلا للذي يفتقر كأنه يملك العنوق بعد ملكه النوق.
قال: ونظير عنوق قول بعض العرب في السماء (سميّ) وقال أبو نخيلة:
كنهور كان من أعقاب السّميّ (3)
الكنهور الغيم المتراكب. وقالوا (أسمية) فجاءوا به على الأصل.
وإن قال قائل: لم قالوا " أسمية " والسماء مؤنثة من السماء ذات البروج ومن السماء التي هي المطر، يقال أصابتنا سماء أي مطرة.
قيل له، قد تذكر السماء قال الله عز وجل: السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ (4).
وقال بعضهم: إنما ذكره على تأويل السّقف كقوله: وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً (5).
وقال بعضهم: ذكره لأن السماء جمع كجمع الجنس وأصله سماوة للواحد وسماء للجمع وقد ذكره سيبويه قبل هذا الفصل في جملة المذكر، وذلك قولك سماء وأسمية و (عطاء) و (أعطية)، وذكره في هذا الموضع مع المؤنث فقال جاءوا به على الأصل أي جاءوا به على ما يجب للمذكر، والمذكر هو الأصل فيجوز أن يكون سيبويه ذكره في الموضعين لأنه يذكر ويؤنث واختاروا في جمعه في الموضعين " أسمية " كراهية " لأفعل " لأنها تعتل إذا قلنا " أسم " يا هذا كما نقول (أدل) و (أثد) فعدلوا إلى ما لا يعتل.