وقال آخر (في المتصل):
جلاها الصّيقلون فأخلصوها
… فجاءت كلّها يتقي بأثر (1)
فمذهب أبي العباس أن فاء الفعل سقطت في المصدر كسقوطها في الفعل، وأن الباقية هي تاء افتعل، فلهذا وزنه يتعل.
وقال أبو إسحاق الزجاج: هو فعل، وكان يقول: إن تقي مخفف من اتّقى يتّقي، وهو متعد، وكان يزعم أن سيبويه
إنما قال في هدى: إنه لم يجئ غيره، يرد في الفعل المتعدى، وأن سرى مصدر فعل لا يتعدى، والذي قاله غير معروف؛ لأنه لا يعرف تقى يتقي، ولا يؤمر منه باتق، كما يقال: ارم. وبكى فيه لغتان: المد والقصر، وكأن القصر تخفيف، والأصل المد لأنه صوت، والصوت بابه أن يجيء على فعال في المصادر. وقد مضي الكلام على نحو ذلك.
ومعنى قول سيبويه: " وذلك لأن الفعل لا يكون مصدرا في هديت " معناه وذلك:
في هديت، يعني وهدى في هديت خاص؛ لأن الفعل بلغت معه، فصار هدى عوضا من الفعل؛ لأن الفعل يكثر في المصادر.
وقال: قليته قلى، وقريته قرى، فأشركوا بينهما.
يعني بين فعل قلى، وبين فعل في هدى، فصار هذان البناءان عوضا من الفعل في المصدر؛ لأن الأصل الفعل، وكان حقه أن يقال في الأصل: هديته هديا، وقليته قليا، وقريته قريا.
فدخل كل واحد منهما في صاحبه، كما قالوا: كسوة وكسا، وجذوة وجذا وصّوة وصوى، والصّوّة حجارة تجمع وتجعل علامة في الطريق.
وفعل وفعل أخوان؛ لأنك إذا جمعت فعلة قلت: فعل، وإذا جمعت فعلة قلت: فعل، فلم تزد على فتح الثاني فيهما، وكذلك إذا جمعتهما بالتاء جاز في كل واحد منهما ثلاث لغات: الإتباع وفتح الثاني وتسكينه، تقول في ظلمة: ظلمات وظلمات وظلمات، وفي كسرة: كسرات وكسرات وكسرات، فهما يجريان مجرى واحدا. وفي المعتل يقال: رشوة ورشا، ورشوة ورشا، وكذلك في جذوة، وفي كسوة.
" وقالوا: شريته شرى، ورضيته رضى، فالمعتل يختص بأشياء، وستراه فيما