وقد قال الله عز وجل: جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ (1). وقال: وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً (2) فهذا وجه فعلت وفعّلت مبيّنا في هذه الأبواب، وهكذا صفته ثم ذكر:
" باب ما طاوع الذي فعله على فعل يكون على انفعل وافتعل " والباب فيه انفعل، وافتعل قليل.
تقول: كسّرته فانكسر، وحطمته، فانحطم، وحسرته فانحسر، ودفعته فاندفع.
ومعنى قولنا مطاوعة أن المفعول به لم يمتنع مما رامه الفاعل، ألا ترى أنك تقول فيما امتنع مما رمته دفعته فلم يندفع، وكسّرته فلم ينكسر؛ أي أوردت أسباب الكسر فلم تؤثر.
وتقول: شويه فانشوى، وبعضهم يقول: فاشتوى، بمعنى شويته فانشوى. وقد تقول: اشتويته بمعنى شويته؛ أي اتخذته مشويّا، وكذلك اطبّخت في معنى طبخت؛ أي اتخذت طبيخا.
" وتقول: غممته فاغتمّ، وانغمّ عربية، وصرفته فانصرف ".
وأما أفعلت الشيء فمطاوعه هو الفعل الذي دخل عليه أفعلت، كقولك: " أدخلته فدخل وأخرجته فخرج.
غير أن الأصل في قولك: قطعته فانقطع، قطعت الأصل وانقطع فرعه المطاوع.
وقوله: أدخلته فدخل، الأصل دخل، وقولك: أدخلته أي صيّرته داخلا.
" وربما استغني عن انفعل في هذا الباب فلم يستعمل، وذلك قولهم: طردته فذهب، ولا يقولون: انطرد، ولا فاطّرد "، استغنوا عنه كما استغنوا بترك عن ودع.
ونظير هذا من المطاوعة فعّل تفعّل، كقولك: كسّرته فتكسّر، وعشيّته فتعشى، وغدّيته فتغدّى، وفي فاعلته فتفاعل كقولك: ناولته فتناول، وفتحت التاء؛ لأن معناه معنى الافتعال والانفعال.
يعني تاء تفاعل فتحت؛ لأنها أول فعل ماض سمي فاعله، وإن كانت زائدة للمطاوعة كالافتعال والانفعال، وليست بألف وصل، دخولها لسكون لما بعدها.
" ونظير ذلك في بنات الأربعة على مثال تفعلل، نحو: دحرجته فتدحرج، وقلقلته فتقلقل، ومعددته فتمعدد، وصعررته فتصعرر ".