كأنه قال: ولا تخف دركا وأنت لا تخافه امتثالا لما أمرناك به، وانزجارا عمّا زجرناك عنه، ومثله كثير في الكلام.
والوجه الثاني: أن تكون الألف في: " تخشى " زيدت لإطلاق الفتحة إذ كانت رأس آية كما تزاد في القوافي والكلام المسجوع.
مثل الآية قوله: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (1) يجوز أن يكون خبرا كأنه قال:
سنقرئك ونزيل عنك النسيان، فلست تنساه، وذلك أنه عليه السّلام قد كان قبل نزول هذه الآية يتلقى الوحي بإعادة ما أوحي إليه قبل استتمامه مخافة النسيان، ويعجل في تلقّيه، فنهاه الله تعالى عن ذلك بقوله: وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ (2) وبشره بأنّه لا ينساه، فهذا وجه.
والوجه الثاني: لا يكون نهاه عن التشاغل والإهمال المؤديين إلى النسيان لما أقرئ؛ لأن النسيان ليس هو بفعل النّاسي، فينهى عنه، وإنما هو من فعل الله تعالى، يحدثه عند إهمال ما ينسى وترك مراعاته.
وفي الآيتين التقدير الذي ذكرناه في البيتين، وفي القراءة المروية عن ابن كثير.
واعلم أن الاعتلال قد يلحق البناء الذي لا ينصرف، ولا يدخله التنوين؛ فيدخله التنوين بسبب لحاقه؛ فمن ذلك: " جواري " وبابها ومن ذلك رجل يسمى " بيرمي " و " يعيلي " والوجه في ذلك في حال الرفع والجر أن يقال: " مررت بجوار " و " هذه جوار يا فتى " و " مررت بيرم "، " وهذا يرم يا فتى " ومثاله من الصحيح: " مررت بضوارب " و " هؤلاء ضوراب " و " مررت بيزيد " " وهذا يزيد "، غير أن الياء لما انكسر ما قبلها وأسكنت دخل البناء نقصان، فلزمه هذا التغير؛ لعلل سنذكرها في مواضعها إن شاء الله تعالى.
فإذا اضطر الشاعر فحرك هذه الياء في حال الرفع والجر لزمه أن لا يصرف إلا أن يضطر إلى الصرف، فيجريه مجرى ما لا ينصرف إذا اضطر إلى صرفه، فمن ذلك قول الفرزدق:
فلو كان عبد الله مولى هجوته
… ولكنّ عبد الله مولى مواليا (3)